شهادتي ، ولقد جمع المأمون في مجلس له عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلمين فغلبهم عن آخرهم ، حتى ما بقي منهم أحد إلّا أقرّ له بالفضل وأقرَّ على نفسه بالقصور.. (١). فقد قام هؤلاء العلماء بالتفتيش عن أعقد المسائل وأكثرها صعوبة وعمقاً في جميع أنواع العلوم ، وعرضوها على الإمام فأجاب عنها جواب العالم الخبير المتمرِّس فيها ، يقول الرواة : أنه سئل عن أكثر من عشرين ألف مسألة في نوب مختلفة عاد فيها بلاط المأمون الى مركز علمي ، وخرجت الوفود العلمية وهي مليئة بالاعجاب والاكبار بمواهب الامام وعبقريته ، وأخذت تذيع على الناس ما يملكه الامام من طاقات هائلة من العلم والفضل ، كما ذهب معظمهم الى القول بإمامته (٢).
هذه الجولة العلمية وما رافقها من جهد علمي كبير تثبت ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ بأن امامنا قد اتبع أسلوباً جديداً ومبتكراً في بث علوم آل البيت عليهمالسلام وهو ما أطلقنا عليه تعبير « المدرسة السّيارة » ، ويبدو أن الظروف السياسية هي التي حملته على اتباع هذا الأسلوب.
روى الصدوق بسنده عن الريّان بن الصلت وكان من رجال الحسن ابن سهل : أن مسير الإمام الرضا عليهالسلام كان عن طريق البصرة والأهواز وفارس ، قال : .. فكتب إليه المأمون لا تأخذه علىٰ طريق الكوفة وقم ، فحمل على طريق البصرة والأهواز وفارس حتىٰ وافىٰ مرو (٣). ومنذ أن
________________
(١) اعلام الورى ٢ : ٦٤ ، الفصل الرابع.
(٢) حياة الإمام علي الرضا عليهالسلام / القرشي : ١٠٢.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٦١ ح ٢١ ، باب (٤٠).