قال الطبرسي : قد ضمّن الرضا عليهالسلام في كلامه هذا أن العالم لا يخلو في زمان التكليف من صادق من قبل الله يلتجىء المكلّف إليه في أمر الشريعة ، صاحب دلالة تدل على صدقه عليه تعالى ، يتوصّل المكلّف إلىٰ معرفته بالعقل ، ولولاه لما عرف الصادق من الكاذب ، فهو حجة الله على الخلق أولاً (١).
مما تقدّم يبدو لنا أن الإمام عليهالسلام أراد أن يغرس في نفوس الناس القيمة الحضارية للعقل حتى يحررهم من عقال الجهل ، لذلك دعا إلى عقد صداقة وثيقة مع العقل وتحكيمه في شؤون الحياة ، وبالمقابل معاداة الجهل ، فعن حمدان الديواني ، قال : قال الرضا عليهالسلام : « صديق كل امرء عقله ، وعدوه جهله » (٢).
ب ـ توجيه النصح والمواعظ : وهي من الأساليب التربوية العظيمة النفع ، وبها جاءت سائر الأديان ، وعمل بها جميع الأنبياء والرسل والأوصياء عليهمالسلام كما اتبعها كثير من القادة والزعماء من أجل أن يغرسوا في ثنايا النفوس بذور الخير والصلاح ، وتقويم اعوجاج السلوك. وكان إمامنا عليهالسلام يكثر من وعظ المأمون إذا خلا به ، ويخوّفه بالله ويقبّح له ما يرتكبه من خلافه ، وكان المأمون يظهر قبول ذلك ويبطن كراهته (٣).
كان الإمام يعلم بأن الدّين النصيحة ، وعليه كان لايبخل بإسداء نصائحه المخلصة كلما وجد التربة الصالحة لغرسها ، ولكن هناك صنف من
________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٢٢٥.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٣٤ ، ح ١٥ ، باب (١٦).
(٣) كشف الغمة ٣ : ٧٤ ، باب : ذكر طرف من دلائله وأخباره.