صغيراً ولا كبيراً حتى السائس والحجام إلّا أقعده معه على مائدته (١).
لقد جعل إمامنا عليهالسلام الإخاء مقروناً بالطاعة لله ، فليس الإخاء ـ عنده ـ إلّا طاعة لله تعالىٰ ، فكل من أطاع الله فهو أخ وقريب وان بَعُدت لحمته ، وكل من عصاه فهو بعيد وإن قرب نسبه ، ومن مصاديق ذلك :
روي أن الإمام الرضا عليهالسلام قال لأخيه زيد : « أنت أخي ما أطعت الله ، فإن عصيت الله فلا أخاء بيني وبينك » (٢).
٢ ـ العطاء والسخاء : لهاتين الفضيلتين دور كبير في جذب النفوس واستمالتها ، فان الإنسان بطبعه يحب الخير والمنفعة ، ولا ينسىٰ في الغالب من أسدى إليه الإحسان. وكان إمامنا عليهالسلام كآبائه الأطهار عليهمالسلام جواداً كريماً ، ينفق على المعوزين ، ولا يمسك مالاً ، يقوم بقضاء حوائج المحتاجين ، ولا يرد سائلاً ، ولا يُخَيّب مؤمّلاً ، وهناك شواهد عديدة على ذلك أرادها أن تكون أدباً أو منهجاً للسائرين في طريقه عليهالسلام ، منها ما جاء عن اليسع بن حمزة : أن رجلاً قال له : السلام عليك يا بن رسول الله ، أنا رجل من محبيك ومحبي آبائك ، مصدري من الحج ، وقد نفذت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة ، فإن رأيت أن تهبني إلىٰ بلدي.. فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالذي توليني عنك ، فلستُ موضع صدقة. فقام عليهالسلام فدخل الحجرة وبقي ساعة ، ثم خرج وردّ الباب وأخرج يده من أعلى الباب ، فقال : « خذ هذه المائتي دينار فاستعن بها في أمورك ونفقتك وتبرّك بها ولا تتصدّق بها عني ، اخرج ولا أراك ولا تراني ». فلما خرج سئل عن ذلك فقال : « مخافة أن أرىٰ ذل
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ / ١٧٠ ، ح ٢٤ ، باب (٤٠).
(٢) المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٣٩١.