مرّت الشيعة بعد وفاة الإمام الكاظم عليهالسلام بمنعطف خطير. فقد كان عليهالسلام يمر بظروف خانقة كما أسلفنا ، ولذلك تمسك بالتقية وكان تحركه بمنتهى السرية ، ومن ثم غيبته الطويلة في السجون ، كل ذلك ساعد على انقطاعه عن قاعدته الجماهيرية ، وكان الإمام الكاظم عليهالسلام يدرك المقطع الزمني الحساس والعصيب الذي ستمر به إمامة ولده الرضا عليهالسلام ، فهناك الأجواء السياسية الملبدة بالغيوم من قبل الحكام ، وهناك ذوو الاطماع من علماء السوء الذين سوف يصنعون سياجاً هائلاً من التعتيم والتكتم أو التشكيك بإمامة ولده ، لذلك لم يأل جهداً ولم يدّخر وسعاً في التبليغ لإمامة ولده الرضا عليهالسلام ، مرة من خلال التلميح بفضائله وكمالاته وأهليته للإمامة ، ومرة أخرى من خلال التصريح بها ، وتارة يتصل مع أصحابه والثقات من شيعته بصورة فردية ، وتارة أخرى يجتمع مع أقربائه وأهل المدينة بصورة جماعية ، وأحياناً يشير إلى إمامة ولده بصورة شفوية ، وأخرى بصورة كتب أو ألواح يشرح فيها أهلية ولده لمنصب الإمامة ويضمّنها وصاياه به. وبدا لنا من خلال البحث أن الإمام الكاظم عليهالسلام قد سار حسب خطة مرسومة للتعريف بالرضا عليهالسلام والإشادة بمنزلته ، وقد هدد وأوعد كل من يسقط تحت حوافر الاطماع أو ينساق إلىٰ مهاوي الضياع كالواقفية.
ونحن سوف نغوص في أعماق الروايات الدالة على إمامة الرضا عليهالسلام ، نحاول أن ندرسها ونسبر أغوارها ونصنفها حسب الغاية التي توخيتْ منها.