قال عليهالسلام : « من لم يقنعه من الرّزق إلّا الكثير لم يكفه من العمل إلّا الكثير ومن كفاه من الرّزق القليل فإنه يكفيه من العمل القليل » (١).
فالإمام يذمّ ـ بصورة ضمنية ـ التكالب على الدنيا ، ويرىٰ بأن القناعة كتربة خصبة ينمو فيها العمل ولو كان قليلاً ما دام خالصاً لله تعالىٰ. أما حرص الإنسان على الحصول علىٰ فوق ما يكفيه من الرزق فقد يشغله بملذّات ومغريات الدنيا ، فيحتاج ـ والحال هذه ـ إلىٰ عمل عبادي أكثر يتناسب وحجم ما يسعىٰ لتحصيله كما هو مفاد الحديث.
يدعو الإمام عليهالسلام في تعاليمه التربوية على الاعتماد على النفس والامتناع عن طلب الحوائج من الآخرين وخاصة إذا كانوا مخالفين ، صيانة لماء الوجه ، وتنزيهاً للنفس عما يشينها :
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : جعلت فداك اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعلّي اُصيب منه ، قال : « أنا أضنّ بك أن تطلب مثل هذا وشبهه ، ولكن عوّل على مالي » (٢). فالإمام يريد العزة والكرامة للمسلم ، وأن لا يكون كلّاً علىٰ غيره ، وإن كان ولابُد من الطلب فينبغي أن تُطلب الحاجة من الأفراد الصالحين ، وأن لاتكون الحاجة خسيسة وغير ذات قيمة.
وهو أمر حضاري يعبّر عن درجة الرّقي لأفراد أي أمة. علماً بأن
________________
(١) اُصول الكافي ٢ : ١٣٨ / ٥ باب القناعة.
(٢) اُصول الكافي ٢ : ١٤٩ / ٥ باب الاستغناء عن الناس.