إجادة وإحسان ، فتهلّل وجه أبيه عليهالسلام فرحاً ، قائلاً : « يا بني الحمد لله الذي جعلك خلفاً من الآباء ، وسروراً من الأبناء ، وعوضاً عن الأصدقاء » (١).
كان يجلسه في حجره يقبله ويمص لسانه ، ويقعده على عاتقه ، يسبغ عليه عطفه وحنانه ، ويرعاه من دون إخوته رعاية خاصة فقد كان يعلم بأنه سوف يخلفه للامامة من بعده ، وكان يهمس في أذنه عبارات الود والثناء ، ويقول له : « ما أطيب ريحك ، وأطهر خلقك ، وأبين فضلك ! » (٢).
ولكن حياة الرضا عليهالسلام بجنب أبيه الهادئة والهانئة ، قد عكرت صفوها دسائس بلاط بني العباس ، الذين يتربصون بالعلويين الدوائر ، فقد (بقي الامام الرضا عليهالسلام مع أبيه نحواً من ثلاثين عاماً أو تزيد ، شاهد فيها ضروب المحن والبلايا التي أحاطت بأبيه الامام موسى بن جعفر الذي كان وجوده ، رغم وقوفه موقف المسالم للحكم بعيداً عن مواطن المجابهة معه ، يثير قلق الحكام ويقض مضاجعهم ، فلقد كان المنصور يتحراه ويراقب جميع تحركاته وتصرفاته حتى اضطره الى أن يحتجب عن شيعته وخلّص أصحابه ، وبعث إليه المهدي العباسي يستدعيه لبغداد ، وألقاه في سجنه لمدة من الزمن.. وبوفاة المهدي والهادي الذي لم تطل أيامه ارتقى الرشيد سدة الخلافة وبدأت بخلافته بوادر المأساة التي حلّت بالبيت العلوي الذي كان يتزعمه الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام وكان له منها القسط الأوفر ، فقد اعتقله وضيق عليه في ظلمات سجونه المرعبة مدة أحد عشر
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٣٥ ، ح ٤ باب (٣٥).
(٢) اُنظر : عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٤٠ ، ح ٢٨ ، باب (٤).