على شهادة أبيه الإمام الكاظم عليهالسلام بحقه ، وتصريحه للمقربين من أصحابه بإمامته من بعده.
وعلى العموم كان إمامنا حديث المجالس ، وذكره لا يفتر على ألسن الناس ، وقد بهر العقول بعلومه وحير الأفئدة بمعاجزه الباهرة ، بحيث نجد معبد بن جنيد الشامي يدخل على الإمام الرضا عليهالسلام ويقول له بالحرف الواحد : قد كثر الخوض فيك وفي عجائبك !! (٤).
أينما حلّ ورحل يستقبل بالترحاب ويجيب على كل الأسئلة التي توجه إليه ، ولو كانت من أجل اختباره ، ومن مصاديق ذلك أنه لما وصل البصرة واختبره جماعة من علمائها ، منهم عمرو بن هذّاب ، وقد أخبر الإمام عليهالسلام بن هذّاب بأنه سيصاب بعلة ، وقد حصل ماأخبر به ، قال محمد بن الفضل : فشهد له الجماعة بالإمامة (١). وقال عليهالسلام : « يا محمد انظر من الكوفة من المتكلمين والعلماء فأحضرهم.. إني أريد أن أجعل لكم حظّاً من نفسي كما جعلت لأهل البصرة » (٢). لقد كان صيته قد طبق الآفاق وأقرّ كل من التقى به من علماء الشيعة باستحقاقه الإمامة وأهليّته لها.
كان مظهره عليهالسلام يخبر عن سريرته وطويته ، عندما يتكلم ينساب صوته العذب كمثل الماء المنساب ، وحينما يصمت يستغرق في صمت بليغ كصمت الطبيعة ، هذه الخصال ملأت نفوس العلماء والناس بالإجلال والهيبة له ، وكانت من القرائن القوية على أهليته للإمامة ، وساعدت على التفاف العلماء حوله وتعطشهم لحديثه.
________________
(١) دلائل الإمامة : ٣٦٣.
(٢) الخرائج والجرائح / الراوندي ١ : ٣٤٢ ـ ٣٤٨.
(٣) الخرائج والجرائح / الراوندي ١ : ٣٤٩.