كلية الىٰ سيرهم الغنية بالعطاء هو انّ كل واحدٍ منهم عليهمالسلام قد تميّز بواحدةٍ من الخصال أو أكثر ، صبغت أيامه ، وربّما تراثه أيضاً بصبغتها المميزة ، مع ما نلاحظه من خطوط التلاقي الوفيرة ، والتكامل التاريخي المتجسّد في سيرة واحدة تمتد قرنين ونصف القرن.
فإذا كان لون الشهادة هو الغالب على سيرة الحسين عليهالسلام واشراقة مدارس الفقه والحديث والتفسير واتساع آفاقها مع الباقر والصادق عليهماالسلام ، ونهضة الدين العارمة المتنقلة بين السجون مع موسىٰ الكاظم عليهالسلام.. وظاهرة الإمامة المبكرة مع الجواد والهادي والمهدي عليهمالسلام ، فثمة حلقات تاريخية شاخصة المعالم تجمع سير العظماء الخمسة مع من سبقهم ، ومن هو بينهم من هداة البشر عليهمالسلام.
أما مع الإمام الرضا فنشهد صفحتين أخريين لهما ظهور كبير ، اتخذت الأولى لوناً سياسياً ، في ولاية العهد التي اسندت إليه من قبل المأمون ، فكيف أصبح زعيم أهل البيت ولياً للعهد في دولة المأمون ، وقد كان أبوه قد قضىٰ شهيداً في سجون هارون أبي المأمون ؟ وفي وقت كان أنصاره من العلويين يعلنون التمرد على الدولة في كثير من أمصارها ؟ وكيف قضى أيامه في ولايته تلك ؟ وكيف كانت نهاية العهد ؟ انها الصفحة التي شغلت وتشغل كل من كتب ويكتب عن الرضا عليهالسلام.
أما الصفحة الثانية فاتخذت طابعاً علمياً كلامياً ، حيث كانت أسواق الجدل العقيدي قائمة ، والميادين مفتوحة لا سيما للزنادقة ، فكانت مواجهاته لهذا التيار من أكبر صفحات آثاره المشرقة ، مع ما تقدمه من صورة عن متابعاته الجادة لمشكلات عصره الثقافية والفكرية.
نرجو أن نجد في هذا الكتاب ما يقارب صفحات حياته عليهالسلام ويكشف عن أبرز معالم عطائه فيها.
والله ولي التوفيق. |
مركز الرسالة |