وتدعم بضعة الرسول قول أمير المؤمنين فتقول :
« ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له .. وقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه » (١)
وقد خطبت سلام الله عليها خطبتها الشهيرة واستنهضت ـ في كثير من فصولها ـ همم المسلمين وحفزتهم على الثورة وطالبتهم بارجاع الخلافة الى أمير المؤمنين فقد قالت مخاطبة بني قيلة :
« أيها بنى قيلة ، أأهضم تراث أبي وانتم بمرأى ، ومسمع تبلغكم الدعوة ، وشملكم الصوت وفيكم العدة ، ولكم الدار والجنن ، وانتم نخبة الله التي انتخبت وخيرته التي اختار. باديتم العرب ، وبادهتم الامور ، وكافحتم البهم ، حتى دارت بكم رحى الاسلام ، ودر حلبه وخبت نيران الحرب ، وسكنت فورة الشرك ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوثق نظام الدين ، أفتأخرتم بعد الاقدام ، ونكصتم بعد الشدة ، وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكصوا أيمانهم من بعد عهدهم ، وطعنوا في دينكم ، فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون .. » (٢)
وقد اثارت حفائظ النفوس ، والهبت نار الثورة في خطابها الكبير إلا أن أبا بكر استقبلها بالاعتذار ، واللين ، واظهر لها بالغ الاحترام والتقدير فاخمد الثورة وشل حركتها ، فلم تجد سلام الله عليها مجالا لاسترجاع حق امير المؤمنين عليهالسلام واخذت تبث الشكوى والشجى الى أبيها وخلدت الى الصبر على ما انتابها من المحن والخطوب.
وما استقر في نفس أمير المؤمنين عليهالسلام من اللوعة والأسى على
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ / ١٢
(٢) اعلام النساء ٣ / ١٢١٤