ضياع حقه وغصب تراثه قد استقر فى نفس وليده الامام الحسن عليهالسلام فقد انطلق إلى مسجد جده صلىاللهعليهوآلهوسلم فرأى أبا بكر على منبر المسجد يخطب الناس فالتاع ووجه إليه لاذع النقد قائلا له :
« انزل ... انزل عن منبر أبي ، واذهب الى منبر أبيك!! »
وبهت ابو بكر ، وتطلعت ابصار الناس إلى القائل فاذا هو حفيد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وريحانته ، فاخذتهم الحيرة والدهشة ، وساد عليهم الوجوم ، واسترد أبو بكر خاطره فتدارك الموقف فقال له بناعم القول :
« صدقت والله. إنه لمنبر أبيك لا منبر أبي .. » (١)
إن احتجاج الامام الحسن عليهالسلام ـ وهو في غضون الصبا ـ انبعث عن نضوج وطموح وذكاء ، وكشف عن آلام مرهقة كان يكنها في اعماق نفسه على ضياع حق أبيه.
كان يرى المنبر يرقاه جده الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يدعو الناس الى الله ، ويهديهم الى سواء السبيل ، وقد اختفى ذلك النور ، واحتجب ذلك الصوت ، وهو لا يجد أحدا خليقا بأن يخلفه سوى أبيه سيد الاوصياء الذي نافع عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع المواقف والمشاهد.
__________________
(١) الرياض النضرة ١ / ١٣٩ ، شرح النهج لابن ابى الحديد ٢ / ١٧ مقتل الحسين للخوارزمي ١ / ٩٣ المناقب ٢ / ١٧٢ وجاء في الاصابة ٢ / ١٥ ان هذا الاحتجاج كان من الامام الحسين ، وجاء في الصواعق المحرقة ص ١٠٥ وفي الصبان المطبوع على هامش نور الابصار ص : ١٢٥ ان الحسن قال لأبي بكر هذه الكلمة ، ووقع للحسين ذلك مع عمر بن الخطاب.