وغشيتها سحب من الكدر واللوعة ، على ضياع حقها ، وعلى فقد أبيها ، فقد حدثوا أنها لم تر ضاحكة ، ولا داخلها السرور بعده حتى لحقت به فكانت لا تفكر الا به ، ولا تذكر اسمه إلا مقرونا بالتفجع والآلام.
وكانت تزور جدثه الطاهر فتطوف به وهي حيرى فتبل أديمه المقدس بدموع سخية ، وتلقي بنفسها على القبر وهي ذاهلة اللب ، مصدوعة الجسم ، منهدة الكيان فتأخذ من ثرى القبر قبضة فتضعها على عينيها ووجهها وتطيل من شمها وتقبيلها وهي تبكي أمر البكاء وترفع صوتها الحزين النبرات قائلة :
ما ذا على من شم
تربة أحمد |
|
أن لا يشم مدى
الزمان غواليا |
صبت علي مصائب
لو أنها |
|
صبت على الأيام
صرن لياليا (١) |
ينظر الحسن عليهالسلام الى هذا الحزن البهيم الذي حل بأمه الرؤم فينصدع قلبه ، ويذرف من الدموع مهما ساعدته الجفون ، يرى الحسن وهو في غضون الصبا لوعة المصائب التي دهت أمه الحنون حتى وهت قوتها ولوّن الاسى وجهها كانها صورة جثمان قد فارقته الحياة ، فيغرق في الدموع والشؤون.
أي حزن هذا الذي حل بابنة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وريحانته
__________________
(١) نور الابصار ص ٤٢ ، وذكر ابن شهرآشوب فى المناقب ٢ / ١٣١ زيادة على هذين البيتين وهي :
قل للمغيب تحت اطباق الثرى |
|
إن كنت تسمع صرختى وندائيا |
قد كنت ذات حمى بظل محمد |
|
لا اختشي ضيما وكان جماليا |
فاليوم اخضع للذليل واتقي |
|
ضيمي وادفع ظالمي بردائيا |
فاذا بكت قمرية في ليلها |
|
شجنا على غصن بكيت صباحيا |
فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي |
|
ولأجعلن الدمع فيك وشاحيا |