حتى ضربوا بها المثل في الحزن ، وعدوها من البكائين الخمس (١) الذين مثلوا الحزن والاسى على مسرح الحياة؟؟
وبلغ من عظيم حزنها ان أنس بن مالك استأذن عليها ليعزيها بمصابها الجليل فاذنت له وكان ممن وسد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقره الأخير فقالت.
« أنس بن مالك »
« نعم ، يا بنت رسول الله »
فقدمت له سؤالا مقرونا بالتفجع والآلام
« كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب على رسول الله؟. » (٢)
وخرج أنس وقلبه كاد أن يقضي حسرة ، قد علا صوته بالبكاء ، وكانت سلام الله عليها تطالب أمير المؤمنين بالقميص الذي غسل فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاذا رأته شمته ووضعته على عينيها ، ويذوب قلبها من الم الحزن حتى يغشى عليها.
وهكذا بقيت بضعة الرسول بعد أبيها قد اضناها الحزن ، وزاد في احزانها جحد القوم حقها وسلبهم لتراثها ، وبقي الحسن يشاهد ما منيت به أمه من الكوارث والخطوب وهو مصدوع الجسم ، قد ذبلت نضارة صباه لا يعرف في نهاره إلا شجرة الأراك حيث يمضي مع أمه ليساعدها في النوح ويخفف عنها اللوعة والحسرة ويستمر معها طيلة النهار في حزن وكمد فاذا اوشكت الشمس أن تغرب تقدمها مع أبيه وأخيه قافلين الى الدار فيجد الوحشة والهم قد خيما عليها ،
__________________
(١) البكاءون الخمس : آدم ، ويعقوب ، ويوسف ، وعلي بن الحسين ، وفاطمة ، ذكر ذلك المجلسي فى البحار ١٠ / ٤٤
(٢) سنن ابن ماجة ص ١٨