بضرب أعناقهم إن تأخروا عن انتخاب أحدهم فهل ان ذلك موجب للخروج عن الدين ، والمروق من الاسلام حتى تباح دماؤهم!!؟
٥ ـ ومن غريب أمر هذه الشورى ان عمر جعل الترجيح للكفة التي تضم عبد الرحمن فيما اذا اختلف أعضاؤها ، وغض طرفه عن الجماعة التي تضم أمير المؤمنين عليهالسلام فلم يعرها أي اهتمام بل الزمها بالخضوع لرأي عبد الرحمن بن عوف ، وتقديمه على أمير المؤمنين وهو صاحب المواهب والعبقريات الذي لا ند له فى علمه وورعه وتقواه فكيف يساويه بغيره ، والله تعالى يقول : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) أف لك يا زمان ، وتعسا لك يا دهر أيكون أمير المؤمنين ندا لأعضاء الشورى ، ويرجح عليه عبد الرحمن ، ولكنها الاحقاد والعصبيات التي أترعت نفوسهم بها قد أنستهم المقاييس ، وصدتهم عن جادة العدل.
٦ ـ ومما يؤخذ على هذه الشورى انها أوجدت التنافس بين أعضائها فقد رأى كل واحد منهم أنه كفؤ للآخر ، ولم يكونوا قبلها على هذا الرأي فقد كان سعد تبعا لعبد الرحمن ، وعبد الرحمن تبعا لعثمان ، والزبير من شيعة الامام ، وهو القائل على عهد عمر : « والله لو مات عمر بايعت عليا » ولكن الشورى قد نفخت فيه روح الطموح ففارق أمير المؤمنين وخرج عليه يوم الجمل ، وقد تولدت في نفوسهم بسبب الشورى الاطماع والاهواء ، ورجا الخلافة وتطلبها من ليس أهلا لها حتى ضجت البلاد بالفتن والاختلاف ، واضطربت كلمة المسلمين ، وتصدع شملهم ، وقد صرح بهذا الواقع المرير معاوية بن ابي سفيان في حديثه مع ابن حصين الذي أوفده زياد لمقابلته ، فقد قال له معاوية :
ـ بلغنى ان عندك ذهنا ، وعقلا فاخبرني عن شيء أسألك عنه؟