خلدت اسماءهم ، وإنا لنرى عددا كبيرا من رجال التأريخ لم ينتج انخذالهم على ما اشتهروا به من الشجاعة والحنكة والذكاء إلا عن ترددهم ، وضعف إرادتهم ، وان من المحال أن ندخل معترك الحياة ، ونرجو الفوز فيها دون أن تكون لدينا إرادة قوية » (١)
إن قوة الارادة لها الاثر التام في تكوين الشخص وفي خلوده فى هذه الحياة ، وان الشخص الضعيف المغلوب على امره يستحيل أن يحقق أي هدف للامة أو يبني لها كيانا ، وقد حرص الاسلام كل الحرص على ابعاد ضعيف الارادة عن قيادة الامة ، ومنعه من مزاولة الحكم لأنه يعرض البلاد للاخطار ، ويجر لها الويلات والخطوب ، ويذهب بهيبة الحكم ومعنويته ويغري ذوي القوة بالتمرد والخروج من الطاعة.
إن عثمان كان فاقد الارادة الى حد بعيد ، فلم تكن له قدرة لمواجهة الاحداث ، ولا قابلية له للتغلب عليها فقد او كل شئون الدولة الى مروان يتصرف بها حسب ما يشاء ، ونقل ابن ابي الحديد عن بعض مشايخه ان الخليفة فى الحقيقة والواقع مروان ، وعثمان له اسم الخلافة لا غير.
وعلى أي حال فلا بد لنا أن نتبين قصة عثمان ، ونقف على حقيقتها وواقعها فان لها ارتباطا وثيقا بما نحن فيه ، فقد زعم غير واحد من المؤرخين أن الامام الحسن عليهالسلام كان عثمانى الهوى ، وانه وقف يوم الدار مدافعا عن عثمان ، وحزن عليه بعد مقتله حزنا بالغا ، وانه كان يندد بأبيه لأنه لم يقم بنجدته وحمايته ، وقد مال لذلك الدكتور طه حسين وأرسلها الى القراء ارسال المسلمات من دون ان يتبين فيها ، ولا يعرف مدى واقعية ذلك إلا بعد التعرف على سياسة عثمان وسيرته فانها هي التي
__________________
(١) قوة الارادة لاوريسون سويت ماردن