١ ـ فما كان عثمان ليستفتح خلافته بقتل فتى من فتيان قريش ، وابن من أبناء عمر. وما كان عثمان ليهدر دم مسلم وذميين. وهو من أجل ذلك آثر العافية ، فأدى دية القتلى من ماله الخاص الى بيت مال المسلمين وحقن دم عبيد الله بن عمر ، وفي امضائه الحكم على هذا النحو سياسة رشيدة لو نظر الناس الى القضية نظرة سياسية خالصة (١).
ان عثمان لو استفتح خلافته بقتل عبيد الله لوفى للمسلمين ما عاهدهم عليه من السير على ضوء كتاب الله وسنة نبيه ، وتطبيق أحكام الشرع على واقع الحياة ولكنه انطلق في ميدان السياسة فآثر العافية وأهمل أحكام الدين وقد علق سماحة الامام كاشف الغطاء رحمهالله على هذا الاعتذار بقوله :
« هذا من الاغلاط الواضحة فان دم عبيد الله قد هدره الشرع ولم يحقنه ـ هذا أولا ـ وثانيا ان القتل كان عن عمد وحكمه القصاص لا الدية وقد غلط الاولون وجاء الآخرون يوجهون غلطهم بغلط آخر .. » (٢)
٢ ـ ونعود فنقول إن عثمان كان ولي أمر المسلمين وله بحكم هذه الولاية أن يعفو ، ونزيد على ذلك أنه حين عفا لم يعطل حدا من حدود الله ، ولم يهدر دم الهرمزان وصاحبيه ، وإنما ادى ديتهم من ماله لبيت مال المسلمين الذي كان يرثهم وحده .. » (٣)
وقد علق عليه سماحة المغفور له كاشف الغطاء قال ما نصه :
__________________
(١) الفتنة الكبرى ١ / ٦٦
(٢) تعليقة مهمة للامام كاشف الغطاء على الفتنة الكبرى مخطوطة توجد فى مكتبته العامرة ، ودفاع طه حسين ونقد كاشف الغطاء إنما يتم على رواية الطبري من انه دفع الدية من ماله ولم يعف عنه
(٣) الفتنة الكبرى ١ / ٦٧