كان الحكم من ألد أعداء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن أحقدهم عليه وقد بالغ في إيذائه والتوهين به ، والاستخفاف بمقامه الرفيع ، فكان يمر خلفه فيغمز به ، ويحكيه ، ويخلج بأنفه وفمه (١) والتفت النبي فرآه يفعل ذلك فقال : كذلك فلتكن ، فكان الحكم مختلجا يرتعش حتى مات ، وقد عيره بذلك عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقال فى هجاء عبد الرحمن بن الحكم :
إن اللعين أبوك
فارم عظامه |
|
إن ترم ترم
مخلجا مجنونا |
يمسي خميص البطن
من عمل التقى |
|
ويظل من عمل
الخبيث بطينا (٢) |
واستأذن هذا الخبيث الماكر على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ائذنوا له لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنين ، وقليل ما هم ، ذوو مكر وخديعة يعطون الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خلاق (٣) وأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم الامام عليا أن يقوده كما تقاد الشاة ويأتي به إليه فأنطلق الامام وجاء به وهو آخذ بأذنه حتى أوقفه بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلعنه ثلاثا ، ثم قال : أحله ناحية حتى راح إليه قوم من المهاجرين والانصار ، ثم دعا به ثانيا فلعنه ، وقال : إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة نبيه ، وستخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء ، فقال إليه قوم هو أقل ، وأذل من أن
__________________
(١) الانساب ٥ / ٢٧
(٢) الاستيعاب ١ / ١١٨
(٣) السيرة الحلبية ١ / ٣٣٧