والتمس انسانا يهجوه فلم يجده فانشأ يقول :
أبت شفتاي اليوم
إلا تكلما |
|
بشر فما ادري
لمن انا قائله |
وجعل يردد البيت ، ولا يرى انسانا حتى اذا طلع على حوض فرأى وجهه فقال :
أرى لي وجها شوه
الله خلقه |
|
فقبح من وجه
وقبح حامله (١) |
هذا هو الحطيئة فهل خفى حاله على الدكتور حتى يستبعد منه ان يمدح الوليد ويهجوه؟
وعلى أي حال فان طه حسين قد حاول تبرير الوليد ، وتنزيهه عن الموبقات والآثام وإلحاقه بالامراء الصالحين الذين لم يجوروا عن القصد فى حكمهم وقد قال فيه ما نصه :
« إن الوليد قد سار في اثناء ولايته على الكوفة سيرة فيها كثير جدا من الغناء وحسن البلاء. فهو لم يقصر في سد الثغور والامعان فى الفتح ، وإنما بلغ من ذلك غاية عرفت له وتحدث بها الناس في حياته وبعد موته وهو قد ساس الكوفة سياسة حزم وعزم ومضاء ، فاقر الامن ، وضرب على ايدي المفسدين من الاحداث والذين لا يرعون للنظام حرمة ، ولا يرجون للدين وقارا. » (٢)
وهل يستطيع الدكتور ان يثبت ذلك ويدلنا على معالم تلك السياسة الرشيدة التي سار عليها الوليد وتحدث الناس بها في حياته وبعد وفاته ، ولو كان الامر كما ذكره لما قام سعيد بن العاص ـ الذي عينه عثمان واليا على الكوفة بعد عزله للوليد ـ بغسل المنبر تحرجا من موبقات الوليد
__________________
(١) الاغاني المجلد الثانى القسم الاول ص ٧٦ ـ ٨٤ ط دار الفكر
(٢) الفتنة الكبرى ١ / ٩٤ ـ ٩٥