لقد قابل الرسول (ص) عموم الامويين بالاستهانة والتحقير والحط من شأنهم وذلك لأنه استشف من وراء المغيبات أنهم مصدر الفتن والاضطراب والقلق بين المسلمين فباعدهم ، وقد رأى (ص) في منامه أنهم ينزون على منبره نزو القردة والخنازير فانزل الله تعالى عليه قوله : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) وما رؤي بعد ذلك ضاحكا (١).
(٤)
ولما انقصم ظهر الاسلام وانحسرت روحه بموت الرسول (ص) انصبت الفتن على المسلمين كقطع الليل المظلم حتى فقدوا الرشد والصواب فناصبوا عترة الرسول (ص) الذين هم وديعة النبي فابعدوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها وسلبوا الخلافة الاسلامية من أيديهم ، وتهالكوا على الإمرة والسلطان ، وقد مهد الخليفة الثاني الحكم للامويين فاستعمل معاوية واليا على الشام واطلق له العنان فلم يحاسبه على إسرافه ، ولم يعاتبه على تبذيره وبذخه كما فعل مع بقية عماله وقد قيل له في ذلك فاعتذر لنفسه ، واعتذر عنه قائلا : ذاك كسرى العرب؟
__________________
نعوذ بالله من الفرية على الله وعلى امينه ورسوله » وقال السيد قطب : في ( العدالة الاجتماعية ) ص ١٨٢ إن أبا سفيان حين اسلم رجا النبي (ص) في ان يسند إلى معاوية شيئا يعتز به أمام العرب ، ويعوضه عن سبة التأخر في الاسلام ، وانه من الطلقاء الذين لا سابقة لهم في الاسلام ، فاستخدمه النبي (ص) في الرسائل والحوائج والصدقات ولم يقل احد من الثقات انه كتب للنبي كما اشاع انصاره بعد استقرار الملك كما يصنع سائر الدعاة ، وإن كان استخدام النبي (ص) لمعاوية محل ريب لأن الرسول (ص) كان ينظر إليه وإلى اسرته نظرة ريبة لشكه (ص) فى اسلامهم.
(١) تأريخ الخطيب ٩ / ٤٤ ، تفسير الطبري ٥ / ٧٧ ، اسد الغابة ٣ / ١٤.