الثناء عليه وضرورة تكريمه وتقديره ، ومضافا لهذا الفريق المرتزق البطانة التي ظفر بها كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه وأضرابهم من دهاة العرب وابالسة الدنيا فقد اخذوا فى تسديده واحكام سلطانه وتخذيل اعدائه حتى اصبحت مقاومة حكمه من الصعوبة بمكان ، فقد عجز أمير المؤمنين (ع) عن مقاومته ومناجزته حيث افسد عليه جيشه وتركه في ارباض الكوفة يتمنى النزوح عن هذه الدنيا ومفارقة ذلك المجتمع المصاب باخلاقه حتى قضى عليهالسلام شهيدا صابرا.
(٥)
ولما فجع الاسلام ونكب المسلمون بقتل وصي الرسول (ص) ، وبايعت الحواضر الاسلامية سبط النبي الامام الحسن اخذ معاوية وعملاؤه يدبّرون نفس الخطة التي دبّروها مع أبيه من قبل فافسدوا عليه جيشه وخواصه بالمال تارة وبالارهاب أخرى حتى بلغ بهم التخاذل والانحطاط مبلغا فظيعا فقد كاتبوا معاوية بتسليم الامام له أسيرا سرا أو علانية إن شاء ذلك وانضمت إلى ذلك عوامل أخرى سنذكرها مشفوعة بالتفصيل فى غضون هذا الكتاب ، فرأى عليهالسلام أنه إن قاوم معاوية قاومه بيد جذاء ولو ضحى بنفسه لذهبت تضحيته سدى وتعود بالضرر الجسيم على الاسلام والمسلمين فوقف (ع) مع عدوه موقف الحازم اليقظ والبصير المحنك فصالح معاوية وحفظ دمه ودم أهل بيته والبقية الصالحة من المؤمنين ، وقد كشف ذلك عن سمو رأيه وعمق نظره ، ولم يترك (ع) بعد الصلح جهاده المقدس فقد انبرى يعمل في تحطيم عروش الدولة الأموية ، ويبين اخطارها على العقيدة الاسلامية ، وقد تصدى لمعاوية بالذات فذكر مثالبه وموبقاته في بلاطه وذلك حين سافر (ع) الى الشام.