هامدة (١) لم يواروه ، ولم يسمحوا لأحد بمواراته ، وتكلم بعض خواصه مع الامام أمير المؤمنين في ذلك فتوسط في شأنه فأذنوا لهم في ذلك ولكنهم لم يسمحوا لهم بدفنه في البقيع فدفنوه في حش كوكب (٢)
لقد امتحن المسلمون امتحانا عسيرا في امر عثمان ، وقد أورثهم قتله عناء أي عناء ، وقد تولدت في ايام حكومته وبعد مقتله أحزاب نفعية لا يهمها إلا الوصول الى الحكم لتتخذ منه وسيلة الى الثراء ، وأخذت تلك الاحزاب تعيث فسادا في الارض ، وتتآمر على مصالح المسلمين فأبادت وحدتهم ، وفرقت كلمتهم ، وخلقت في المجتمع أهم المصاعب والمشاكل حتى أصبح من المتعذر على الامام أمير المؤمنين في دور حكومته أن يصلح الاوضاع الراهنة ، ويعيد سيرة الرسول وسنته بين الناس ، واتسعت تلك المشاكل حتى بلغت الذروة فى دور الامام الحسن ، فرأى أن لا خطة له أفضل ولا أحسن من الاستسلام كما سنوضحه بالتفصيل في البحوث الآتية.
وبهذا ينتهى بنا المطاف عن عهد عثمان ، وقد اسهبنا القول في امره واطلنا الحديث فى تصوير سياسته التي أشعلت نار الفتنة الكبرى فى البلاد وفتحت باب الخلاف والنزاع بين المسلمين ، ومهدت الطريق للامويين ان يتدخلوا في شئون المسلمين ، ويختلسوا السلطة من أيديهم ، ويمعنوا في قتل الاخيار ومطاردة المصلحين ، وإبادة جميع الاسس التي جاء هذا الدين ليقيمها وبسطنا القول في ذكر بعض المؤاخذات التي تواجه بحوث الدكتور
__________________
(١) قتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشر ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوما وعمره اثنان وثمانون سنة.
(٢) اسم بستان في المدينة كانت اليهود تدفن موتاهم فيها