وإياك أن توجف بك مطايا الطمع (١) فتوردك مناهل الهلكة وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فانك مدرك قسمك ، وآخذ سهمك! وإن اليسير من الله ـ سبحانه ـ اعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه.
وتلا فيك (٢) ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك ، وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء ، وحفظ ما في يديك أحب إلي من طلب ما في يد غيرك (٣) ومرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس والحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور ، والمرء احفظ لسره (٤) ورب ساع فيما يضره (٥) من اكثر أهجر (٦) ومن تفكر أبصر!
قارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشر تبن عنهم! بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف افحش الظلم. إذا كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا (٧) ربما كان الدواء داء والداء دواء ، وربما نصح غير
__________________
ـ فى الرذائل فاذا جعلها الانسان وسيلة وطريقا لجمع المال فقد وقع فيما هرب منه ، وحينئذ فما الفائدة من جمع المال وهو لا يحميه من النقص.
(١) توجف : تسرع ، والمناهل ما ترده الابل ونحوها للشرب.
(٢) التلافى : التدارك لاصلاح ما فسد.
(٣) إرشاد للاقتصاد فى المال.
(٤) إرشاد إلى عدم إفشاء سر الانسان إلى غيره.
(٥) قد يسعى الانسان بقصد فائدته فينقلب سعيه بالضرر عليه لجهله او سوء قصده.
(٦) الهجر : الهذيان في الكلام.
(٧) الخرق ـ بالضم ـ العنف والمراد ان المقام إذا الزمه العنف كان إبداله ـ