« أتمن علي برسول الله؟!! »
وما ابعد هذا القول عن منطق الايمان فمن تكون هي لو لا رسول الله فبسببه علا لها نجم وصار لها ذكر ، وقد انبرى ابن عباس فرد عليها منطقها الرخيص قائلا :
« نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننت به علينا!! »
وتركها وانصرف فاخبر الامام بحديثه معها ، وباستجابتها لقوله فشكره الامام على ذلك (١) ولما عزمت على الخروج جهزها الامام باحسن جهاز واعد لها قافلة كاملة لا ينقصها شيء ، وفي اليوم المقرر لسفرها دخل عليها ومعه الحسن والحسين فلما رأينه النسوة بكين وصحن في وجهه ، والتفتت إليه صفية ربه الدار فقالت له :
يا قاتل الأحبة. يا مفرق الجماعات. أيتم الله بنيك منك كما ايتمت بنى عبد الله .. »
اجابها الامام : لو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذا البيت ، وأشار الى بيت فى دارها قد اختفى فيه فريق من أعدائه وخصومه ، وأراد من كان معه الهجوم عليهم فمنعهم من ذلك ، وجرى بعد ذلك حديث بين الامام وعائشة فقالت له : إني احب أن أقيم معك فاسير إلى قتال عدوك ، فابى الامام وأمرها أن تقر في البيت الذي تركها فيه رسول الله ولو أراد السياسة الوقتية لأجابها إلى ذلك ولكنه منبع التقوى والايمان أراد أن يسير معها على وفق الشريعة الاسلامية التي تلزم المرأة بالحجاب وبالعمل لتهذيب نفسها واصلاح منزلها ، وليس لها باي حال أن تدخل في المعمعات الحزبية والمعتركات السياسية ، ورحلت عائشة من البصرة وقد
__________________
(١) العقد الفريد ٣ / ١٠٣ ـ ١٠٤.