فكان هناك الاجتماع والتحكيم ، واجتمع الماكر المخادع عمرو بن العاص بضعيف العقل الخامل ابي موسى ، فأمهله ثلاثة ايام وافرد له مكانا خاصا به وجعل يقدم له ما لذّ من الطعام والشراب ولم يفتح معه الحديث حتى استبطنه وارشاه ، ولما علم بأنه قد هيمن عليه وصار زمامه بيده أخذ يحدثه بانخفاض ولين مبديا له الاكبار والتقديس والتعظيم قائلا له :
« يا أبا موسى .. انك شيخ اصحاب محمد (ص) وذو فضلها ،
__________________
الشام والمدينة قرب جبل طىء كانت به بنو كنانة من كلب ويقال إن بدومة الجندل كان التحكيم فقد حدث عبد الله بن عيسى حفيد ابى ليلى قال مررت مع ابى موسى بدومة الجندل ، فقال ابو موسى حدثني رسول الله انه حكم في بني اسرائيل في هذا الموضع حكمان بالجور ، وانه يحكم فى امتي فى هذا المكان حكمان بالجور ، قال : فما ذهبت الايام حتى حكم هو وعمرو ابن العاص فيما حكما ، وقد اكثر الشعراء فى ذكر الاجتماع بأذرح إلا قول الأعور الشنى فانه ذكر دومة الجندل في قوله :
رضينا بحكم الله فى كل موطن |
|
وعمرو وعبد الله مختلفان |
فليس بهادى امة من ضلالة |
|
بدومة شيخا فتنة عميان |
بكت عين من يبكى ابن عفان بعد ما |
|
نفا ورق الفرقان كل مكان |
ثوى تاركا للحق متبع الهوى |
|
ووارث حزنا لاحقا بطعان |
كلا الفتنتين كان حيا وميتا |
|
يكادان لو لا القتل يشتبهان |
وإن كان الوزن يستقيم لو جيء بمكان دومة اذرح جاء ذلك فى معجم البلدان ج ٤ ص ١٠٦ ، واحتمل الدكتور ( طه حسين ) فى كتابه ( علي وبنوه ) ص ١٠٧ ، ان الاجتماع كان في دومة الجندل اولا ثم فى اذرح بعد ذلك.