فأدخل الرعب والخوف في القلوب ، وخطب الناس فكان خطابه حافلا بالجفاء والغلظة والقسوة فمن جملة خطابه.
« يا أهل المدينة ، والله لو لا ما عهد الي معاوية ما تركت بها محتلما إلا قتلته. »
ولما انهى هذا الأثيم أمر المدينة توجه إلى مكة فاحتلها ، وأخذ البيعة من أهلها قسرا ، ثم انعطف بعد ذلك الى اليمن وكان واليها عبيد الله ابن العباس فانهزم بنفسه ناجيا من شره قاصدا نحو الكوفة ليعرف الامام بذلك ولما دخل بسر الى اليمن أخذ البيعة من أهلها ، وفتش عن طفلين لعبيد الله فلما ظفر بهما قتلهما (١) ولما انتهى خبرهما الى امهما ضاقت بها الدنيا وأكلها الحزن وبرى البكاء عينيها ، فكان الحزن والجزع لها غذاء وشرابا حتى فقدت شعورها وقد رثتهما بذوب روحها قائلة :
يا من احس
بابنيّ اللذين هما |
|
كالدرتين تشطى
عنهما الصدف |
يا من أحس
بابنيّ اللذين هما |
|
قلبي وسمعي ،
فقلبي اليوم مختطف |
من ذل والهة
حيرى مدلهة |
|
على صبيين ذلا :
إذ غدا السلف |
خبرت بسرا وما
صدقت ما زعموا |
|
من افكهم ومن
القول الذي اقترفوا |
أنحى على ودجى
ابني مرهفة |
|
مشحوذة وكذاك
الأثم يقترف (٢) |
ولما انتهت الأنباء المريعة الى الامام أقبل الى اصحابه وانمسه المقدسة ملؤها اللوعة والاستياء على هذا التمرد الناشب فى جيشه فخطب فيهم فمن جملة خطابه قوله :
__________________
(١) تأريخ ابي الفداء ١ / ١٨٠
(٢) شرح النهج محمد عبده ج ١ ص ٥٩