وقيل بالأول ، إلاّ أن يكثروا وعسر الإقراع فبالثاني (١).
وقيل بجواز الأمرين مطلقا ، ونسبه في المسالك إلى الأشهر (٢).
وأصل هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ، مصرّح به في كلماتهم ، بل لم أعثر فيه على مخالف.
وإطلاق عباراتهم يشمل ما لو تزاحموا في مجرّد الورود والحضور عند الحاكم وإن لم يتكلّموا بعد ولم يطلبوا الترافع بل كانوا ساكتين ، وما لو تزاحموا في بيان الدعوى وطلب الترافع أيضا ، وما لو بدر أحدهم بطلبه مع سكوت الباقين.
والظاهر أنّ مرادهم إنّما هو غير الصورة الأخيرة ، لأنّ الحكم بتقديم الأسبق ورودا فيها مشكل جدّا ، لأنّ الحكم والقضاء في الوقائع الخاصّة والقضايا الجزئيّة لا يجب إلاّ بطلب المدّعي وترافعه ، ومعه يجب ، فبطلب أحدهم يجب الاشتغال بقطع دعواه ، ولم يجب الاشتغال بقطع سائر الدعاوي بعد.
فعلى القول بكون وجوب الاشتغال بعد الطلب فوريّا يكون بطلان إطلاق وجوب تقديم الأسبق ظاهرا ، بل يجب تقديم البادئ بالطلب وإن لم يكن أسبق ورودا.
وعلى القول بعدم الفوريّة نقول : إنّ ما لم يجب الاشتغال به بعد لا يمكن أن يجب تقديمه على الواجب ولو لم يكن فوريّا ، وإلاّ لا نقلب غير الواجب واجبا.
بل لا يبعد أن يقال : إنّ الصورة الأولى أيضا خارجة عن مقصودهم ،
__________________
(١) كما في المهذب ٢ : ٥٨٢ وكشف اللثام ٢ : ١٤٨.
(٢) المسالك ٢ : ٣٦٦.