لأنّ قطع الدعوى مع سكوت المدّعي وعدم طلبه ليس بجائز ، فكيف يحكم بوجوب تقديمه؟!
إلاّ أن يقال : إنّ المراد تقديم الأمر بالتكلّم ، واستحباب أصله لا ينافي وجوب تقديم بعض أفراده. ولكنّه بعيد.
ثمَّ إنّ أكثر الأصحاب لم يذكروا على ما حكموا به ـ من وجوب تقديم الأسبق مع العلم بالسبق والقرعة بدونه ـ دليلا. ويظهر من المسالك أنّه لمراعاة التسوية بين الخصوم (١).
وفيه : أنّ الثابت من التسوية هو وجوبه أو استحبابه بالنسبة إلى شخصين متخاصمين ، وأمّا بالنسبة إلى خصمين آخرين فغير ثابت.
واستدلّ والدي ـ طاب ثراه ـ على الأول في المعتمد بالأولويّة ، وعلى الثاني بأنّ القرعة لكلّ أمر مشكل.
ويرد على الأول : منع الأولويّة ، وعلى تسليمها منع صلاحيّتها لإيجاب التقديم.
وعلى الثاني : منع الإشكال ، لأنّه إنّما يكون إذا علم استحقاق أحدهما للتقديم ولم يتعيّن ، وأمّا إذا لم يعلم الاستحقاق فالحكم التخيير.
نعم ، يظهر من السرائر أنّه وردت بهذا الحكم رواية ، حيث قال : فإذا جلس حكم للأول فالأول ، فإن لم يعلم بالأول أو دخلوا دفعة روى أصحابنا أنّه : يتقدّم إلى من يأمر كلّ من حضر للتحاكم إليه أن يكتب اسمه واسم أبيه وما يعرف به من الصفات الغالبة عليه دون الألقاب المكروهة ، فإذا فعلوا ذلك وكتب أسماءهم وأسماء خصومهم في الرقاع قبض ذلك كلّه
__________________
(١) المسالك ٢ : ٣٦٦.