قالوا : وإن كان المطلوب خارج البلد لا يحضره القاضي بمجرّد التماس المدّعي ، بل يسأله أن يحرّر دعواه عليه ، فإن حرّرها وكانت دعوى مسموعة أحضره وإن كان في بلدة بعيدة منه ، وإن لم يحرّر دعواه وحرّرها وكانت غير مسموعة لم يكلّفه الحضور.
والفرق بين المسألتين في اعتبار التحرير في الثانية دون الاولى لزوم المشقّة والضرر وعدمهما ، إذ ليس في إحضار الحاضر مئونة ولا مشقّة ، بخلاف الغائب.
وخالف في ذلك الإسكافي أيضا ، ولم يوجب الإحضار حينئذ بمجرّد تحرير الدعوى أيضا ، بل قال : لم يجب إلاّ بعد أن يثبت المستعدي حقّه عند الحاكم (١). ومثله قال في الخلاف (٢).
وفرّق في المبسوط بين كونه في بلد تحت ولاية القاضي وغيرها ، فيحضر بالتحرير في الأول ، ويقضي على الغائب في الثاني (٣).
وفرّق في المختلف بين ما إذا لم يتمكّن المدّعي من الإثبات وطلب غريمه للإحلاف ، أو لم يكن له مال ، بل كان بيد الغريم ، فلا يمكنه استيفاء الحقّ لو ثبت منه بدون حضوره. وبين ما إذا تمكّن وكان له مال يستوفي منه الحقّ إن ثبت. فيحضر في الأول دون الثاني (٤).
وقد تلخّص ممّا ذكر : أنّ في صورة الحضور في البلد : ظاهر الأكثر الاتّفاق على الإحضار ولو قبل التحرير ، لغير ذوي الأشراف وأرباب المعاذير.
نعم ، ناقش بعض متأخّري المتأخّرين في ذلك ، واحتمل اختصاص
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف : ٧٠٢.
(٢) الخلاف ٦ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ـ ٣٤.
(٣) المبسوط ٨ : ١٥٥.
(٤) المختلف : ٧٠٣.