يكون التعيين بالوصف ، فلا محالة يكون في أدلّة الإذن إطلاق أو عموم.
وتلك العمومات أيضا ليست باقية على حالها من العموم أو الإطلاق ، بل لاشتراط بعض الشرائط خرج منها بعض أفرادها بالأدلّة المقيّدة أو المخصّصة لها ، فلذا يلزم علينا الفحص ثانيا عن المقيّد والمخصّص ، وتخصيص المنصب بمن لم يخرج عن تحت العموم.
وبذلك يظهر أنّه يشترط في القاضي دخوله تحت أدلّة الإذن أولا ، وعدم خروجه بسبب المخصّصات ثانيا.
المسألة الثالثة : إذا عرفت أنّه لا بدّ في القاضي من ورود الإذن في شأنه ، فنقول : إنّه قد ورد ذلك من سلاطين الأنام ، وولاة الأمر من جانب الملك العلاّم ، للعلماء بأحكام أهل البيت عليهمالسلام ، بالإجماع القطعي ، بل الضرورة ، والمعتبرة المستفيضة :
كمرفوعة البرقي المصرّحة بأنّ : « من قضى بحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة » (١).
وكصحيحة أبي خديجة : « انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا ، فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضيا ، فتحاكموا إليه » (٢).
والأخرى : « اجعلوا بينكم رجلا ممّن عرف حلالنا وحرامنا ، فإنّي قد جعلته قاضيا » (٣).
ووصف الروايتين بعدم الصحة ـ مع أنّه غير ضائر عندنا مع
__________________
(١) المتقدمة في ص ٨ و ٩.
(٢) الكافي ٧ : ٤١٢ ـ ٤ ، الفقيه ٣ : ٢ ـ ١ وفيهما قضائنا بدل قضايانا ، التهذيب ٦ : ٢١٩ ـ ٥١٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٣ أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٥.
(٣) التهذيب ٦ : ٣٠٣ ـ ٨٤٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٩ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٦.