وأمّا صحيحة زرارة (١) ، فلا دلالة لها أصلا ، لأنّ الظاهر المتبادر من الحبس إسجانه في سجن الإمام ، وأمّا اشتغاله بالكسب فليس حبسا قطعا.
ومنه يظهر حال رواية السكوني الأخيرة.
وأمّا الآية الشريفة ، فكما مرّت إليه الإشارة لا تدلّ على مرادهم أصلا ، لأنّ من يقدر على استفادة المال ولو بالتكسّب ـ الذي لم يكن شاقّا عليه ، بل هو حرفته وعليه معاشه ـ لا يصدق عليه أنّه ذو عسرة أصلا ، لا لغة ولا عرفا.
ولو سلّمنا صدقه عليه فنقول : إنّ الإنظار المأمور به هو ترك مطالبة أداء الدين حال العسرة ، فإذا تركه وأخّره أنظره ولو أمره بالتكسّب وتحصيل اليسار ثمَّ الأداء ، ألا ترى أنّه يصحّ أن يقال : أمهله حتى يشتغل ببيع ضياعه ويأخذ ثمنه ويعطيه ، فيصدق الإنظار مع أنّه مشغول بطلب المشتري والمبايعة وأخذ الثمن.
والحاصل : أنّ الإنظار هو الإمهال والتأخير ، ويمكن أن يكون المراد إمهاله في أداء الدين وتأخيره مطالبته. وأمّا الأصل فإنّما يفيد لو لم يكن دليل مخرج عنه ، ولا شكّ أنّ قضاء الدين على كلّ متمكّن منه واجب ، والقادر على العمل والتكسّب متمكّن فيجب عليه ، ولازمه وجوب العمل والكسب من باب المقدّمة ، ولازمه جواز أمره به وحمله عليه ، بل وجوب ذلك.
وظهر ممّا ذكرنا خلوّ المشهور عن الدليل ، وكذا قول النهاية إن أراد دفعه إلى الغرماء مطلقا ، سواء أمكنه الاستفادة بعمل أم لا ، وسواء أدّى ما
__________________
(١) المتقدمة في ص : ١٧٨.