ومع ذلك قالوا : إنّ المحلوف له المطّلع على ذلك الأمر النفس الأمريّ ليس له المطالبة والتقاصّ ، مع أنّ الثابت من الإقرار ليس إلاّ تعلّقه في ذمّته قبل الحلف ، وأمّا بعده وبعد تصريح الأخبار بأنّ اليمين أذهب حقّه فلا.
ومن ذلك ظهر ضعف ما قيل من أنّ التعارض بين عموم الإقرار وما مرّ من الأخبار بالعموم من وجه ، والترجيح للأخير (١).
فإن قيل : معنى جوازه أنّه يؤخذ به فيحصل التعارض.
قلنا : بل معناه أنّه مثبت للحقّ عليه ، فكما أنّ الثبوت الواقعي المعلوم للمدّعي لم يكن مجوّزا للمطالبة والتقاصّ فكذا ذلك.
وأمّا الثالث ، فلأنّ أدلّة التقاصّ أعمّ مطلقا من صحيحة سليمان بن خالد ورواية ابن وضّاح المتقدّمتين (٢) ، والقاعدة : تخصيصها بهما.
وأمّا الرابع ، فلأنّ محلّ الكلام جواز الدعوى والمطالبة والتقاصّ ، دون جواز الأخذ لو بذل الحالف المال ، فإنّه جائز مع عدم الإقرار أيضا ، كيف؟! وهم صرّحوا بأنّ على الحالف مطلقا إبراء ذمّته عن الحقّ المحلوف عليه ، ونهى في الأخبار ـ كما مرّ ـ عن أخذ ما حلف به لو كان كاذبا.
وعلى هذا فالحكم المذكور مشكل غاية الإشكال.
ولذا تردّد فيه صاحب الكفاية ، بل يشعر منه الميل إلى خلافه ، حيث قال : قالوا كذا ، وظاهر الروايات يدلّ على خلافه (٣). انتهى.
والأحوط أنّه إن بذله الحالف أخذه كما في غير الإقرار أيضا ، وإلاّ
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٣٩٨.
(٢) في ص : ٢١٤ و ٢١٥.
(٣) الكفاية : ٢٦٧.