المتأخّرين ، حيث قال : وغير المجتهد لا دليل على حجّية ظنّه ، قاطعا ولا ظنيّا ، ولو سلّم الأخير فغايته ، إثبات الظنّ بمثله ، وهو غير جائز بإطباق العلماء (١). انتهى ـ فهو كذلك ، ولا ينبغي الريب فيه.
وإن كان مرادهم نفي قضاء غير المجتهد مطلقا ، حتى العادل المقلّد للحيّ في جميع جزئيّات الواقعة ، أو للميّت بتقليد الحيّ ، فبعد ما علمت من عدم حجّية الإجماع المنقول ، وأنّ الظنّ المنتهي إلى العلم علم ، يعلم ضعف تلك الأدلّة ، لأنّ المقلّد إذا علم فتوى مجتهد في جميع تفاصيل واقعة حادثة بين متنازعين من مقلّديه وجزئياتها ، يعلم حكم الله في حقّهما ، لأنّ حكمه ولو كان مظنونا ، ولكنّه معلوم الاعتبار والحجّية بالنسبة إليهما ، فذلك المقلّد عالم عارف بحكم الشارع (٢) في حقّهما ، فيكون مأذونا بالأخبار المتقدّمة ، عالما بالحكم خارجا من تحت الأصل.
إلاّ أن يتحقّق الإجماع على خلافه ، وهو غير متحقّق ، كيف؟! وكلمات أكثر القدماء خالية عن ذكر المجتهد أو ما يرادفه.
وعبّر كثير منهم بالفقيه المحتمل صدقه ـ سيّما في الصدر الأول ـ على من أخذ برهة من المسائل ولو تقليدا ، كما صرّح به والدي العلاّمة ـ قدسسره ـ في تجريد الأصول وأنيس المجتهدين ، ولذا قوّى بعض علمائنا المعاصرين في أجوبة سؤالاته جواز المرافعة إلى العالم العادل المطّلع بجميع المسائل الدقيقة المتعلّقة بواقعة تقليدا ، ونسب عدم الجواز إلى المشهور (٣).
__________________
(١) الرياض ٢ : ٣٨٦.
(٢) في « ق » ، « س » : المتنازع.
(٣) جامع الشتات : ٦٧٦.