وقد يوجّه جواز تقليد القاضي أيضا بحسنة هشام : « لمّا ولّى أمير المؤمنين عليهالسلام شريحا القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرض عليه » (١).
وهو إنما يحسن لو لم تكن توليته إيّاه تقيّة كما هو الظاهر.
وبذلك وإن ظهر ضعف الأدلّة المذكورة لهم ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ أكثر تلك الأخبار وإن كان مطلقا شاملا للمقلّد المذكور أيضا ، إلاّ أن قوله عليهالسلام في المقبولة : « انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا » إلى آخره ، وفي التوقيع : « فارجعوا إلى رواه أحاديثنا » مقيّد بالمجتهد ، إذ الظاهر المتبادر منه : الراوي للحديث ، المستنبط المستخرج منه الأحكام على الطريق الذي ارتضاه الشارع وأمر به ، لا مطلقا.
ويعلم من ذلك احتمال اختصاص مرسلة الفقيه المتقدّمة بالمجتهدين في الأحكام أيضا ، بل وكذا الرضوي ، لعدم معلوميّة صدق الفقيه على مطلق العالم ولو تقليدا.
ويدلّ على التخصيص أيضا المرويّ في مصباح الشريعة ، المنجبر ضعفه بما ذكر : أنّه قال أمير المؤمنين عليهالسلام لقاض : « هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ » قال : لا ، قال : « فهل أشرفت على مراد الله عزّ وجلّ في أمثال القران؟ » قال : لا ، قال : « إذن هلكت وأهلكت. والمفتي محتاج إلى معرفة القرآن ، وحقائق السنن ، وبواطن الإشارات ، والآداب ، والإجماع ، والاختلاف ، والاطّلاع على أصول ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه ، ثمَّ حسن الاختيار ، ثمَّ العمل الصالح ، ثمَّ الحكمة ، ثمَّ التقوى ، ثمَّ حينئذ إن
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤٠٧ ـ ٣ ، التهذيب ٦ : ٢١٧ ـ ٥١٠ ، الوسائل ٢٧ : ١٦ أبواب صفات القاضي ب ٣ ح ١.