والحمل ـ على إرادة جواز التجزّي في الاجتهاد دون كفايته في القضاء ـ بعيد ، بل يمنعه احتجاجه ، وقوله بعد ذكر الرواية : نعم ، يشترط أن يكون عارفا بجميع ما وليه.
وهذا هو الظاهر من القواعد والدروس أيضا ، بل هو ظاهر النافع والشرائع أيضا (١).
وحمل قوله في الأخير : ولا بدّ أن يكون عالما بجميع ما وليه ، على الاجتهاد المطلق ، كما في المسالك (٢) ، لا وجه له.
ونسب في الكفاية إلى المشهور (٣) ووالدي إلى الأشهر : اشتراط المطلق ، وعدم كفاية التجزّي ، وجزم الأول به مع تيسّر المطلق ، ونفي البعد عن الاكتفاء بالمتجزّي مع فقده ، وصرّح الثاني بالتفصيل ، فجوّز مع فقد المطلق ، ومنع مع تيسّره.
والحقّ هو : الأول ، لأنّ المراد المتجزّي ، من قدر على استنباط برهة من الأحكام ، جامعا لجميع شرائط الاجتهاد فيها ، من ردّها إلى مئاخذها المعلوم اعتبارها وحجّيتها عنده بالدليل القطعي ، العالم بعدم توقّفها على غيرها ، أو ظانّا له ظنّا ثبت عنده اعتباره ، إذ لو لم يعلم اعتبار المأخذ واكتفى فيه بالظنّ ، أو ظنّ عدم التوقّف ولم تثبت عنده حجّية هذا الظنّ ، لا يجوز عمله اتّفاقا ، لامتناع إثبات الظنّ بالظنّ ، فلا بدّ من كون ظنّه منتهيا إلى العلم الموجب لقطعه بالحكم كما مرّ ، فيكون الحكم معلوما له ، فتشمله صحيحتا أبي خديجة ، وكذا يشمله التوقيع ، ولا مخصّص لهما سوى بعض
__________________
(١) القواعد ٢ : ٢٠١ ، الدروس ٢ : ٦٦ ، النافع ٢ : ٢٧٩ ، الشرائع ٤ : ٦٧.
(٢) المسالك ٢ : ٣٥١.
(٣) الكفاية : ٢٦٢.