البحث الثاني
في آداب القاضي ووظائفه
اعلم أنّهم ذكروا آدابا كثيرة ووظائف عديدة للقاضي ، بعضها يتعلق بالنائب الخاصّ ، وبعضها مشترك بينه وبين العامّ ، ولعدم ترتّب فائدة على الأول نقتصر ها هنا على الثاني.
ثمَّ الآداب المشتركة على قسمين :
أحدهما : ما هو أدب ووظيفة لمن اتّخذ القضاء شغلا ومنصبا ، وصار علما بذلك مرجعا للأنام ، وجلس مجلس الحكومة ، وتشمّر لتلك الرئاسة العامّة ، فتولّى ذلك الشغل الخطير ، وتكفّل لذلك المهمّ العظيم ، واتّخذه الرعيّة حاكما وقاضيا ، وعرف بذلك ، إمّا لأجل نصب الإمام له بخصوصه ، أو للوجوب العينيّ أو الكفائيّ له في زمان الغيبة.
والثاني : ما هو أدب ووظيفة لمطلق الحكم ، ولو لمن لم يعرفه الناس ، واتّفق له أن يحكم حكما واحدا.
فما كان من الأول يكون آداب المنصب والرئاسة ، والثاني آداب الحكم ولو كان واحدا.
ومثل الفريقين مثل أئمّة الجماعات ، فإنّ منهم من اتّخذ الإمامة ديدنا ، وفرّغ نفسه لها في جميع الأوقات أو أكثرها ، ومنهم من ليس كذلك وإن ائتمّ به من يعرفه بالعدالة مرّة أو مرّات.
ويمكن أن يكون نظر كثير من الأصحاب ـ حيث قرّروا عنوانين ،