وبين ما دل على عدم وجوب إعادة شيء بخروج البلل الشاملة بإطلاقها ما قبل البول ، منها خبر عبد الله بن هلال (١) قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يجامع أهله ثم يغتسل قبل ان يبول ثم يخرج منه شيء بعد الغسل ، قال : لا شيء عليه ان ذلك مما وضعه الله عنه » وخبر زيد الشحام (٢) عن الصادق عليهالسلام قال : « سألته عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل ان يبول ثم رأى شيئا ، قال : لا يعيد الغسل ليس ذلك الذي رأى شيئا » بحمل الأولى على عدم الاستبراء بالاجتهاد ، والثانية عليه كما هو مقتضى القول الأول ، وعليه مع قيد التعذر وعدمه كما هو مقتضى القول الثاني ، وعلى التعذر وعدمه كما هو مقتضى الثالث ، وذلك لأنهما ـ مع الطعن في سنديهما بعبد الله ابن هلال في الأولى ، وأبي جميلة في الثانية ، واحتياج مثل هذا الجمع الى شاهد لعدم إشارة في اللفظ اليه ـ غير صريحة في المخالفة ، لكون الجماع والجنابة أعم من الانزال ، والشيء أعم من البلل ، ولعلهما محمولان على نفي الوسوسة ، كما لعله يشعر به الخبر الثاني.
وما عساه يقال في تأييد القول الثاني : ان الضعف سندا ودلالة منجبر بالشهرة العظيمة بين الأصحاب التي كادت ان تكون إجماعا يدفعه انه لا يحصل للفقيه بملاحظة ذلك الظن بالمراد بهما ، وإذ يكون الأمر كذلك نمنع الاعتماد عليها ، وكذا ما يقال في التأييد للقول الأول بروايات الاستبراء من البول ، لشمولها تخلل الجنابة بين البول والاستبراء ، فيدخل نحو ذلك تحت مدلولها ، وفيها انه لا يلتفت وان بلغ الساق ، وذلك لأن الظاهر من ملاحظتها الاختصاص أي ان ذلك ينفي احتمال البولية خاصة ، وكذا ما يقال من التأييد الثالث بما نقل من الفقه الرضوي (٣) « إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد ان تبول حتى يخرج فضلة المني من إحليلك ، وإن جهدت ولم تقدر فلا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ١٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ١٤.
(٣) المستدرك ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٢.