وفي الكل نظر ، أما الأولى فمع الإشكال في دخول الصفرة تحت إطلاق الدم ان المساق منها إرادة الحيض كما يقضي به تعريف الدم ، بل لعله المنساق والمتبادر كما يشهد له ملاحظة العرف في هذا الزمان ، كقولهم جاء المرأة الدم وانقطع الدم عنها ونحو ذلك ، ويشعر به أيضا انها مساقة لبيان ان الحيض يفطر الصائمة في سائر أوقات النهار ، على ان الاستدلال في جملة منها انما هو بترك الاستفصال عن كون الدم جامعا أو لا ، وكونها ذات عادة أو لا ، ولا يخفى على من لاحظ السؤال ظهور كون المراد ان الحيض يفطر الصائمة في أي وقت رأته من النهار ، بل كاد يكون ذلك مقطوعا به ، فمن العجيب ما وقع لبعضهم من الاستدلال بها سيما بالرواية الأخيرة مع قوله عليهالسلام فيها : ( إذا طمثت ) الى آخره. وأما موثقة سماعة فهي مع جريان ما قدمنا فيها ظاهرة في ان الجارية عارفة بكونه طمثا ، لكنها لما لم ينضبط عدد أيامها لم تعرف مقدار ما تقعد وتترك الصلاة ، فأجاب عليهالسلام ( أنها تجلس ) الى آخره ، على انها محتملة لأن تكون ذات عادة وقتية وان لم تضبط عددها ، كما لعله يشير إليه السؤال. وأما موثقة ابن بكير فهي بالدلالة على خلاف المطلوب أولى ، لما فيها من اشتراط الترك بالاستمرار ، وقوله (ع) : ( أول حيضها ) وكذلك الموثقة الأخرى ، على انه ليس فيها بيان ابتداء ترك الصلاة ، والحاصل انه لا ينبغي الإشكال في عدم دلالة شيء من هذه الروايات على ما نحن فيه سيما الروايات الأخيرة كما لا يخفى على من لاحظ ذيولها ، فانا لم ننقله خوف الإطالة. مضافا الى معارضتها بما سمعت من الأخبار وغيرها ، لا أقل من ان يكون لفظ ( الدم ) و ( الحيض ) فيها منصرفا الى الغالب ، وهو الجامع دون غيره ، وأما التمسك بقاعدة الإمكان فقد عرفت سابقا ان أقصى ما يمكن تسليمها انما هو بعد استقرار الإمكان ومعرفة كونه متصفا به لا مع احتمال كونه مستحيلا.
لا يقال : ان قضية ذلك عدم الحكم بالحيضية حتى لو تمت الثلاثة ، لاحتمال تجاوزه