اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع ، فأحب الله عز وجل أن يكون العبد في وقت ذكره متبتلا متضرعا مبتهلا ، ولأن في رفع اليدين إحضار النية وإقبال القلب على ما قال وقصد ، ولأن الغرض من الذكر انما هو الاستفتاح ، وكل سنة فإنما تؤدى على جهة الفرض ، فلما أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحب الله أن يؤدى السنة على جهة ما يؤدى الفرض » بل قد يشعر به النصوص السابقة الدالة على الاجتزاء بتكبيرة الركوع عن تكبيرة الإحرام إلا أن تحمل على التداخل أو على وجوب استئناف تكبير آخر له.
وبالجملة لا ينبغي التأمل بعد ملاحظة فتاوى الأصحاب البالغة حد الإجماع كما عرفته ومجموع النصوص للممارس الخبير الذي صار ببركة أهل العصمة وتتبع آثارهم كالمشافهين لخطاباتهم العارفين باراداتهم في أن الأظهر الندب وأنه هو المراد من الأمر به في النصوص المزبورة سيما بعد شيوع استعماله فيه حتى قيل بمساواته للحقيقة ، وسيما في خصوص النصوص المزبورة التي سيقت لبيان المندوبات بهذه الأوامر ، فمن العجيب تردد المصنف فيه أولا وأعجب منه توقفه واستشكاله في الحدائق ، خصوصا وقد اعترف في الأخير باتفاق الأصحاب قديما وحديثا على استحبابه عدا الحسن ، لكنه معذور بعد الخلل في الطريقة ، والله أعلم.
وأما المسنون في هذا القسم أي الركوع فمنه أن يكبر للركوع قائما منتصبا على المشهور بين الأصحاب ، بل في المدارك والمعتبر نسبته إليهم مشعرين بدعوى الإجماع عليه ، وهو الحجة في مثله بعد تعليم الصادق عليهالسلام لحماد (١) وقول الباقر عليهالسلام في صحيح زرارة (٢) : « إذا أردت أن تركع فقل وأنت
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الركوع ـ الحديث ١.