والعجلي فجعلوه تابعا للفريضة ، لما ورد (١) من أن « صلاة النهار عجماء » وفيه مع انسياق الذهن إلى إرادة القراءة من ذلك أن الأول أرجح دلالة وعملا ، فلا يقدح حينئذ كون التعارض بينهما من وجه.
أما المأموم فقد أطلق جماعة إخفاته للنهي (٢) عن إسماعه الإمام ، بل قيل : إنه المشهور ، وفيه أولا أن النهي المزبور أعم من الإخفات ، ضرورة عدم استلزام أقل الجهر للاسماع ، نعم قد يتفق ذلك ، وحينئذ فترجيح ذلك على دليل الجهر يمكن منعه ، بل قد يقال بكون المقام كتعارض المندوبات والمكروهات والمندوب مع المكروه في العمل ، فلو جهر في القنوت حصل ثواب الجهر وإن فعل مكروها من حيث الاسماع كالعكس ، فلا يكون من تعارض العموم من وجه ، لكنه لا يخلو من تأمل ، والأمر سهل.
وكيف كان فقد صرح الصدوق في الفقيه بجواز القنوت بالفارسية حاكيا له عن الصفار ، قيل : وقد وافقه عليه أكثر الأصحاب ، بل لم يعرف الخلاف في ذلك إلا من سعد بن عبد الله حتى أن المحقق الثاني لما استوجه المنقول عن سعد ـ لأن كيفية العبادة متلقاة من الشارع ولم يعهد مثل ذلك ـ قال : إلا أن الشهرة بين الأصحاب ـ حتى أنه لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد المذكور ـ مانعة من المصير اليه ، كما أن غيره ممن عادته تتبع الخلاف في المسائل ولو نادرا قد اقتصر على نسبة ذلك إلى سعد ، فلا يبعد استقرار الكلمة حينئذ على الجواز ، واحتجوا عليه ـ بعد الأصل وما سمعته من إطلاق أدلة القنوت وأنه لا شيء موقت فيه بل يكفي فيه ما يجري على اللسان ويقدره ـ بصدق
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب الصلاة الجماعة ـ الحديث ٢.