إلا أنك قد عرفت ما فيه ، بل ذلك كله مماشاة ، وإلا فقد عرفت قوة الاجتزاء حال قصد الإطلاق أو عدم قصد سورة مخصوصة ، بل قد سمعت احتمال الاجتزاء مع قصد السورة المخصوصة ثم عدل فضلا عن غيره.
كما أنه يمكن القول بناء على اعتبار القصد في التعيين بأنه يكفي التعيين الإجمالي المقتضي تعينا في الواقع وإن لم يعلمه المكلف بخصوصه ، كما لو قصد بالبسملة أنها جزء من السورة التي يوقعها الله في خلده للصلاة ، وينكشف ذلك حينئذ بما يقع منه بعد البسملة ، إذ لا ريب في ارتفاع الاشتراك بذلك ، وصيرورته من المتشخص في نفسه ، ولذا صرح غير واحد بعدم وجوب قصد البسملة للحمد وللسورة المتعينة بنذر وشبهه ، أو بعدم معرفته غيرها ، أو بضيق الوقت إلا عنها ، أو بغير ذلك من المعينات ، إذ الظاهر أن وجه السقوط في ذلك عدم الاشتراك في التكليف ، فتكفي حينئذ نية الصلاة الإجمالية الأولية في تعيين البسملة جزءا من الفاتحة أو السورة ، ضرورة تشاغله بالمكلف به منها المفروض انحصاره في ذلك ، فلا يقدح ذهوله وغفلته ، فينحل في الحقيقة إلى نية التعيين ، وإلا فنفس تشخص المكلف به في نفسه لا يرفع أصل الاشتراك ، وهذا بعينه يمكن تقريره في الفرض المزبور أيضا ، بل يمكن دعوى عدم انفكاك المكلف عن هذا القصد الإجمالي المتضمن لقصد كون البسملة جزءا مما يقع منه من السورة وإن كان لا يعلم هو خصوص ما يقع منه ، إلا أنه متعين في نفسه ومعلوم عند الله ، فهو حينئذ كما لو قصد جزئية البسملة من السورة الموصوفة بكذا وفرض عدم انطباق الوصف إلا على سورة مخصوصة ، وعدم استحضاره ما ينطبق عليه الوصف من السور كعدم استحضاره أصل القصد في حال الغفلة والذهول غير قادحين ، إذ الاستحضار أمر زائد على القصد المشخص ، فتأمل جيدا.