وكيف كان فقد أطلق الشيخ والفاضل الرجوع من السورتين إلى السورتين من غير تقييد ببلوغ النصف أو تجاوزه ، بل هو صريح بعض متأخري المتأخرين ، لإطلاق الأمر به في النصوص السالم عن المعارض ، ولذا قال في مجمع البرهان : « لا أرى دليلا على عدم جواز الرجوع مع تجاوز النصف » قلت : وحينئذ يجوز الرجوع من غيرهما أيضا إليهما ، ضرورة أولويته منهما بذلك ، مضافا إلى إطلاق بعض النصوص أيضا ، إلا أنه أطلق الأصحاب هناك حتى حكموا الإجماع على عدم جواز العدول بعد تجاوز النصف كما عرفت ، وتقييده بما إذا لم يكن إلى سورتي الجمعة والمنافقين تمسكا بثبوته في التوحيد والجحد فيثبت في غيرهما بطريق أولى ليس بأولى من أن يبقى ذلك الإطلاق على حاله ، ويقيد جوازه في التوحيد والجحد بما إذا لم يبلغ النصف أو يتجاوزه ، تمسكا بأن ثبوت المنع في الأضعف يقتضي أولويته في الأقوى ، ولعله بذلك يرجح كونه وجها للجمع بين قول الصادق عليهالسلام (١) حين سئل عن رجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ قل هو الله أحد : « يتمها ركعتين ثم يستأنف » وبين إطلاق ما دل على جواز العدول بحمل الأولى على ما إذا بلغ النصف أو تجاوزه ، والثانية على ما ليس كذلك على غيره من الوجوه كالتخيير ونحوه ، خصوصا مع ملاحظة الرضوي بناء على اعتباره ومع معلومية عدم جواز العدول من الفريضة إلى النافلة بغير ضرورة ، فيجعل حينئذ ذلك منها ، خصوصا إذا كان قراءته للتوحيد مثلا ناسيا ، فان الفاضل في المحكي عن مختلفة نقل عن أكثر العلماء جواز الرجوع بالنية ، كما أنه نقل عن الفقيه والمقنع والإصباح وجامع الشرائع ذلك أيضا إذا قرأ نصف سورة ، فما عن العجلي من المنع للنهي عن إبطال العمل ضعيف كدليله ، بل قد يدعى أن المعلوم من جميع النصوص والفتاوى أن التحديد بالنصف مثلا للرجوع حيث يجوز ولو في مقام خاص من غير تخصيص بسورة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.