القنوت فيها ، خصوصا بعد ظهورها في لزوم وصف القنوت لجميع القيام لله لا لفرد من القيام ، بل ذلك لا يعبر عنه بالأمر بالقيام له ، ضرورة كون قيام القنوت ليس إلا استمرار القيام ، لأن وظيفته كما ستعرف بعد القراءة قبل الركوع ، بل لا يبعد إرادة مطلق الاشتغال بالصلاة من القيام ، فيكون حاصل المعنى صلوا ( قانِتِينَ ) ذاكرين لا ساكتين ومتكلمين بحوائجكم ، كما عساه يشهد له ما نص (١) عليه في سبب نزول هذه الآية من أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة فنهوا عن ذلك ، ولعل مجموع الذكر في الصلاة فرض باعتبار تكبيرة الإحرام ، ومنه يظهر جواب آخر للنصوص السابقة ، وبعد الإغماض عن ذلك كله فحمله على الاستحباب للأدلة السابقة متجه ، فغرور بعض علماء البحرين (٢) بها حتى وافق الصدوق في الوجوب في غير محله ، كما عرفته مفصلا.
وكيف كان فـ ( هو ) أي القنوت محله في غير المواضع المستثناة في كل ركعة ثانية إن لم تكن الصلاة وحدانية قبل الركوع وبعد القراءة على المشهور بين الأصحاب ، بل هو من معاقد جملة من إجماعاتهم ، بل لا أجد فيه مخالفا إلا من المصنف في المعتبر ، حيث قال تارة : « ومحله الأفضل قبل الركوع ، وهو مذهب علمائنا » وأخرى « ويمكن أن يقال بالتخيير وإن كان تقديمه على الركوع أفضل » واستحسنه في الروضة ، ولعله لخبر إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى (٣) عن أبي جعفر عليهالسلام « القنوت قبل الركوع ، وإن شئت فبعده » الذي هو بعد الإغضاء عن سنده غير مقاوم من وجوه للنصوص (٤) الكثيرة المعتبرة المصرحة بما قبل الركوع لا بعده على وجه يمتنع معه دعوى أنه مستحب في مستحب وإن قلنا به في غير المقام
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٩٤.
(٢) هو الشيخ سليمان البحراني ( منه رحمهالله ).
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب القنوت ـ الحديث ٤.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب القنوت ـ الحديث ١ و ٣ و ٥ و ٦.