المعتبر من القول بعدم وجوبه للأصل في غاية الضعف ، نعم قد يقال بناء على التخيير بين ما تضمنته النصوص التي منها صحيح الحلبي (١) الظاهر في فوات الترتيب في بعض الفصول يتجه عدمه في خصوص ذلك ، وربما أراد ذلك القائل بعدم وجوب الترتيب لا نفيه أصلا ، مع أنه قد يقوى عدمه أيضا ترجيحا لغيرها عليه بالنسبة إلى ذلك ، فيحمل على بيان الإشارة في الجملة إلى التسبيح المعروف التأليف لا أن المراد منه بيان كيفية أخرى للتسبيح ، فتأمل جيدا.
وكذا الظاهر بقاء التخيير بين التسبيح والقراءة وإن شرع في أحدهما ولم يتمه لا للإطلاق ، لإمكان دعوى ظهوره في الابتداء ، بل للاستصحاب الذي لا يعارضه إطلاق النهي عن الزيادة في الصلاة لخصوصه ، فيحكم عليه ، إذ الخاص وإن كان استصحابا يحكم على العام وإن كان كتابا ، مع أنه قد يقال بعدم شمول النهي المزبور لمثل المقام أو يشك فيه ، ضرورة ظهوره في القصد إلى الزيادة والعمد إليها حتى يكون تشريعا محرما ، أما إذا جيء به مقدمة لتحصيل مسمى الجزء المأمور به فعدل عنه قبل تحقق الامتثال به فليس زيادة منهيا عنها ولا تشريع ، لوقوعه منه بقصد المقدمية ، وليس ما أوقعه قبل الإتمام كان مأمورا به بالخصوص كي يقال : إنه تحقق الامتثال فلا معنى للعدول عنه ، لأن من الواضح عدم أمر أصلي بكل حرف من حروف الفاتحة مثلا ، بل يفعلها المكلف تحصيلا لمسمى الفاتحة ، وبعد تمامها تكون جزءا من المأمور به لا قبله ، ولا ما إذا عدل عنه بحيث انتفى اسم ذلك المركب ، إذ أجزاء المركب من حيث التركيب لا تقوم بنفسها مع انتفاء التركيب ، وإطلاق الأجزاء في مثل الحال المزبور على ضرب من التجوز ، وحينئذ لا يختص جواز العدول وإبطال ما شرع فيه من الجزء بالمقام ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.