وقد يعلم من التأمل في ذلك الحكم فيما فرعوه هنا بناء على اعتبار التعيين من الاكتفاء بالعادة ، وبالعزم السابق على الشروع في الصلاة أو بعده قبل القراءة أو بعدها قبل الفراغ من الفاتحة ، أو يعتبر خصوص القصد المقارن ، حتى أن المحقق الثاني رحمهالله توقف في ذلك ، وقال : إني لا أعلم شيئا يقتضي الاكتفاء أو عدمه بأن يقال : إن كانت العادة أو العزم أورثا داعيا في النفس ينبعث عنه الفعل اتجهت الصحة وإلا فلا ، ضرورة حصول القصد في الأول وإن لم يعلم بحضوره ، بخلافه في الثاني لمساواته من لم تكن له عادة أو عزم أصلا ، نعم يندرجان في صورة جريان اللسان مع فرض عدم تجدد قصد آخر لهما ، وقد عرفت الحال فيها ، والله أعلم.
المسألة التاسعة لا خلاف أجده بين الأصحاب في جواز العدول من سورة إلى أخرى في الجملة ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه ، كما أنه يمكن دعوى تواتر النصوص معنى فيه أيضا ، فقد قال عمرو بن أبي نصر (١) للصادق عليهالسلام في الصحيح : « الرجل يقوم في الصلاة يريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون فقال : يرجع من كل سورة إلا قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون » وقال له عليهالسلام الحلبي أيضا في الصحيح (٢) أيضا : « رجل قرأ في الغداة سورة قل هو الله أحد قال : لا بأس ، ومن افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس إلا قل هو الله أحد لا يرجع منها إلى غيرها ، وكذلك قل يا أيها الكافرون » وسأله (ع) أيضا عبيد بن زرارة (٣) في الموثق « عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في أخرى فقال : فليرجع إلى السورة الأولى إلا أن يقرأ بقل هو الله أحد ـ وقال له (ع) أيضا ـ : رجل صلى الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو الله أحد فقال :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.
(٣) التهذيب ج ٣ ـ ص ٢٤٢ من طبعة النجف.