منه ومن غيره كفاية الانحناء بمقدار إمكان بلوغ رؤوس الأصابع إلى الركبتين ، وأن الزائد مستحب ، وبه صرح بعض ، بل عن خالي العلامة المجلسي في البحار أنه مذهب الأكثر ، خلافا لجماعة فأوجبوا الزيادة ، وهو أحوط ، لظهور عبائر الأكثر فيه ، ومنهم جملة من نقلة الإجماع كالفاضلين في المعتبر والتذكرة ، ولكن في تعيينه نظر ، لظهور النص المعتبر في خلافه مع سلامته عن المعارض عدا شبهة دعوى الإجماع ، ويحتمل تعلقها بالتحديد المشترك بين الحدين ، وهو ملاقاة اليدين الركبتين إما بالبلوغ أو الوضع ، فأما خصوصه فلعله من اجتهاد الناقل ، مع أن ظاهر جملة آخرين من نقلة الإجماع هو ما ذكرناه وإن كان يأباه سياق عباراتهم في الاستدلال عليه ، كما يأتي في سياق عباراتهم في الاستدلال ما يستفاد من ظاهر عبارتهم ، وهذا من أوضح الشواهد على ما ذكرنا من أن المقصود من دعوى الإجماع انما هو إثبات القدر المشترك ردا على أبي حنيفة في قوله بكفاية أقل ما يقع عليه اسم الانحناء » ولا يخفى عليك مواضع النظر من كلامه بعد الإحاطة بما قدمناه.
فتلخص من ذلك كله أن الوجوه المحتملة بل الأقوال ثلاثة أو أربعة أحدها الاجتزاء بوصول رؤوس الأصابع وإن لم يصل إلى إمكان الوضع ، الثاني الوضع ولو لبعض الكف ، الثالث وضع تمام الكف ، الرابع وضع بعض الراحة ، والأول خيرة الحدائق ، والثاني صريح الشهيد الثاني ، والثالث ظاهر المعتبر والذكرى والتذكرة ، والرابع ظاهر المحكي عن الخراساني ، وقد عرفت الحال في الجميع وإمكان إرجاع البعض إلى البعض.
نعم يبقى إشكال فيما ذكرناه من التحديد بأنه لا يوافق ما دل عليه مقطوع زرارة (١) الذي قد نسبه في الذكرى وجامع المقاصد إلى عمل الأصحاب ، إذ فيه « ان المرأة إذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها ليس تتطأطأ كثيرا فترتفع
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الركوع ـ الحديث ٢.