وإن أمكن حمله على إرادة بيان عدم الحرمة التي ربما توهمها بعض الناس ، كما يومي إليه خبر حنان بن سدير (١) « قال : دخلنا على أبي عبد الله عليهالسلام ومعنا فرقد الحجام فقال له : جعلت فداك إني أعمل عملا ، وقد سألت عنه غير واحد ، فزعموا انه عمل مكروه وأحب أن أسألك فإن كان مكروها انتهيت عنه وعملت غيره من الأعمال فإني منته في ذلك إلى قولك قال : وما هو؟ قلت حجام قال : كل من كسبك يا ابن أخي وتصدق منه وحج وتزوج ، فإن نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد احتجم واعطى الأجر ولو كان حراما ما أعطاه » لكن يرجح ذلك ما سمعته من تقييد الأصحاب والأمر سهل ، بعد القطع بانتفاء الحرمة نصا وفتوى للأصل وغيره بل يمكن القطع بعدم كراهة فعل الحجامة مع عدم اتخاذها صنعة ومكسبا ، كما لا يخفى على من لاحظ النصوص والفتاوى اللهم إلا أن يكون ذلك لضعة العمل نفسه ، المنبئ عن دنائة طبع العامل ، كما عساه يفهم أيضا من مثل المتن ، هذا كله بالنسبة إلى الحاجم.
أما المحجوم فلا يكره له مشارطته ، كما سمعته في الخبر السابق بل الظاهر كراهة تركها له ، نحو غيره من العاملين بالأجرة ، وربما تصور اجتنابهما معا عن الكراهة فيما لو كان المشترط والجاعل للأجرة المحجوم ، وأما الحاجم فلم يصدر منه إلا الرضا بما شرط له المحجوم من غير مشارطة معه ، لكن قد يشكل ذلك بان مثله يعد شرطا من الحاجم أيضا ، فإن المراد به مطلق ذكر الأجرة ، معينة كانت أو غير معينة فتأمل والله العالم.
وأما التكسب بضراب الفحل بان يأجره لذلك مع
__________________
(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٥.