وبذلك انكشف الغبار عن المسألة التي ربما أشكل على بعض الناس مدركها ، حتى تعجب من دعوى جواز إضرار الغير في نفسه بالجرح ونحوه وعرضه وماله ، دفعا للضرر اليسير في نفسه وعرضه وماله ، وتخيل أن المسألة من باب التعادل والتراجيح فالتزم الموازنة بين ما يظلم به وما يخشاه من الظلم عليه ، وهو كما ترى ، لما عرفت من أن بناء المسألة على ما لو ألزمه الجائر بالظلم ، وكان لا يستطيع رفع إكراهه له والجاه إياه إلى ذلك والتخلف عن أمره ، إلا بتحمل ضرر لا يتحمل في نفسه أو ماله أو عرضه ، وأن مدركها واضح على هذا التقدير ، من غير فرق في المال بين البعض والجميع ، فما في التحرير من اعتبار جميع المال غير واضح ، نعم لو تمكن من التخلف عن الأمر ، بما لا يضر بحاله وجب عليه ، بل لم يكن مكرها حينئذ ، ولقدرته على عدم الامتثال بلا ضرورة ، كما أنه لا بأس بجواز تحمل الضرر المالي في دفع الإكراه ، ولعموم تسليط الناس على أموالهم (١) أما البدن كالجرح ونحوه ، والعرض كالفسق بالأهل ونحوه ، فالظاهر حرمة تحمله لذلك ، وقد أوى إليه في الجملة الشهيد في الدروس.
ومنه يعلم ما في شرح الأستاد من أن الأحوط مراعاة التعادل بين ما يخاف على الناس ، وبين ما يخافه على نفسه ، وإن كان الأقوى عدم وجوبها ، ضرورة تزاحم الاحتياط حينئذ في بعض الصور ثم قال : وينبغي إمعان النظر فيما يغتفر بالخوف على أحد الثلثة متعلقا به أو ببعض المؤمنين من التعدي على الغير مع المماثلة أو المخالفة في الأفعال أو الرتب مع المعادلة وعدمها ثم فيما يغتفر به الخروج عن الشرع فيما يتعلق بأصل أو فرع ، فإن المسألة طويلة الذيل كثيرة الأقسام ، والقول
__________________
(١) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ الطبع الحديث.