بالفرق بين الابتداء والعروض اتفاقا في الصور غير بعيد.
قلت : لا يخفى عليك تنقيح ذلك كله بعد ما عرفت موضوع المسئلة ومدركها ، كما أنه لا يخفى عليك عدم جواز ظلم الغير ، بأمر الجائر الذي يخشى من تخلفه ظلما علي بعض آخر دون نفس المكره وماله وعرضه ، ضرورة عدم مشروعية رفع الظلم عن مؤمن بظلم مؤمن آخر ، وكون ذلك قد يقتضي التقية في بعض الأحوال ، لا يستلزم اقتضائه في الفرض ، وكذا لا يخفى عليك أن المراد بالإكراه هنا ، أعم من التقية التي هي دين في العبادات ، لمعلومية عدم الفرق هنا بين وقوع الإكراه من الموافق في المذهب والمخالف بعد فرض تسلطه على النفس والعرض والمال ، نعم استثنى المصنف وغيره من ذلك على كل حال الدماء المحترمة بالايمان بل لا خلاف أجده فيه بالنسبة إلى القتل ظلما بل الإجماع بقسميه عليه وللصحيح (١) « إنما جعلت التقية لتحقن بها الدماء ، فإذا بلغ الدم ، فلا تقية » ونحوه الموثق (٢) بل قيل : أن ظاهر الإطلاق يشمل الجراح أيضا ، كما عن الشيخ أيضا إلا أن لزوم الاقتصار في الخروج عن العمومات المجوزة لفعل المحرمات بالإكراه على المتيقن المتبادر من الإطلاق وهو القتل ، يقتضي المصير إلى جواز الجرح الذي لم يبلغ حده ، كما هو الأشهر ، بل لعله المشهور ، بل ينبغي القطع بجوازه ، إذا كان الخوف بتركه على النفس.
نعم الأحوط اجتنابه حيث لا يعارضه الاحتياط من جانب آخر ، كما أنه كذلك بالنسبة إلى إلحاق المسلم بالمؤمن ، وإن أطلق المصنف وغيره بل في النافع التعبير بالمسلم لكن في الرياض وهل المسلم يشمل المخالف أم يخص المؤمن إشكال ، والاحتياط يقتضي المصير إلى الأول
__________________
(١) الوسائل الباب ٣١ من أبواب الأمر والنهي ١.
(٢) الوسائل الباب ٣١ من أبواب الأمر والنهي ٢.