عدم إرادتهما ذلك ، بل قصد الإنشاء بتقابضهما ، وأراد حصول الملك أو الإباحة جرى عليه حكم المعاطاة ، وكان خارجا عما نحن فيه.
وبذلك ظهر الفرق بين البيع الفاسد والمعاطاة ، لكن قد عرفت سابقا أن قصد التملك العقدي غير مشخص ، مع فرض تحقق البيع بالمعاطاة التي منها الصيغة الملحونة مثلا ، على أن الأصحاب قد أطلقوا عدم الملك به ، وإن لم يكن قصد إلا إلى البيعية ، فهذا شاهد على عدم صحة بيع المعاطاة عندهم ، ومن هنا يتجه إطلاقهم عدم الملك مضافا إلى ما عرفته سابقا ، بل ظهر أيضا الوجه فيما ذكره المصنف وغيره من عدم الملك ، ضرورة عدم السبب المقتضى له ، فالأصل حينئذ بحاله بل وكان كل مما قبضه البائع والمشتري مضمونا عليه بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لعموم « على اليد » (١) وتسلط الناس على أموالهم (٢) التي في أيدي غيرهم ، سواء كانت موجودة أو تالفة وغيره مما يقتضي الضمان باستيلاء اليد على مال الغير بغير إذن منه ، ولا من المالك الحقيقي ، إذا الثاني معلوم الانتفاء ، بما دل على الفساد كالنهي عن بيع الحصاة والمنابذة والملامسة (٣) والغرور (٤) ونحوها ، مما لا إشكال في ظهوره في عدم جريان آثار العقد الصحيح عليه من القبض والتصرف ونحوهما.
وأما الأول فلم يصدر منه إلا الاذن في ضمن إرادة التمليك بالعقد الصحيح. والفرض عدم حصوله فيرتفع المطلق بارتفاع المقيد ، لما تبين
__________________
(١) سنن بيهقي ج ٦ ص ٩٠ كنز العمال ج ٥ ص ٢٥٧.
(٢) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ الطبع الحديث.
(٣) الوسائل الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ١٣.
(٤) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب آداب التجارة الحديث ٣.