ولإطلاق بعض هذه النصوص أطلق بعض تحريم بيع السلاح لأعداء الدين من غير تقييد بالقصد أو قيام الحرب ، وربما كان ظاهر المتن في وجه ، وما أبعد ما بينه وبين آخر حيث اعتبر في الحرمة القيدين معا ، واقتصر ثالث على اعتبار القصد كما هو الوجه الأخر في المتن ، ورابع على قيام الحرب ، والتحقيق ثبوتها بأحدهما أما مع القصد فلتحقق التعاون ، وأما مع قيام الحرب فلما سمعته من النصوص التي يجب حمل إطلاق غيرها عليها ، وربما علل أيضا بالإعانة وفيه منع صدقها مع عدم القصد ، خصوصا بعد كون المنهي عنه التعاون ، الظاهر في كون الفعل مقصودا للجميع ، وأن كلا منهم صار ظهيرا للآخر في وقوعه لا أن مجرد الاشتراك في شرائط وقوع الفعل يحقق الإعانة وإلا لم يمكن الاستقلال بالفعل ، من أحد ضرورة معلومية عدم كون الشرائط جميعها منه ، وبذلك ظهر لك أن الحرمة في المقام مع عدم القصد إنما هي من النصوص ، فالواجب حينئذ الاقتصار على خصوص المستفاد منها ، مع ملاحظة صلاحية الخبر باعتبار جمعه لشرائط الحجية وعدمها ، ولا يجوز التعدي إلى غيره كما وقع من بعضهم.
نعم لا بأس بالتعدية فيما كان مدرك الحرمة فيه آية التعاون (١) من الفرد الآخر وهو المشتمل على القصد ، ضرورة اشتراك الجميع في الصدق ، بعد فرض ثبوت ما يحققه من القصد على الوجه الذي ذكرناه فلا فرق حينئذ بين السلاح وغيره فيما يحصل به التعاون ، ولا بين المشركين وغيرهم ، ولا بين حال الهدنة وغيرها ، كما لا يخفى على من له أدنى نظر وتأمل ، وعلى كل حال فقد ظهر لك أنه لا حرمة فيما لا تعاون فيه ، ولا هو مندرج في إطلاق النصوص المزبورة ، كبيع السلاح
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٢.