منه ، بناء على الأصح من عدم نجاستها بذلك ، عدا الكلب والخنزير كما قدمناه في كتاب الطهارة ، وخصوصا إذا قلنا بقبولها للتذكية فإن الانتفاع حينئذ بها حية وميتة متحقق ، فيندرج في نحو قوله تعالى ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) الذي قال الفاضل في المختلف ، أن الفقهاء أجمعوا في جميع الأعصار والأصقاع على عمومية الاستدلال بهذه الآية في كل مبيع فالمتجه حينئذ جواز التكسب بما ينتفع به منها نفعا يخرجه عن السفه بذلك ، بل لا يبعد جواز التكسب بما لا نفع غالبا فيه إذا اتفق حصول النفع المعتد به فيه ، فيتكسب به في ذلك الحال ، ودعوى كونه منفعة نادرة لا يجوز التكسب به لتحقق السفه معها ، يدفعها منع تحققه مع فرض حصول النفع المعتد به فيه بل أقصاه ، أنه يكون كبعض عقاقير الأدوية التي يندر الاحتياج إليها ، نعم لا ريب في تحقق السفه لو تكسب بها حال عدم النفع رجاء لتلك المنفعة النادرة ، والسبب في ذلك غلية وقوعها في كل وقت يحتاج إليها أما لو فرض ندرته وعدم تيسره في كل وقت ، فلا ريب في حسن ادخاره لاحتمال حصول الحاجة به.
وحينئذ فما عن أكثر المتقدمين من إطلاق المنع عن بيعها في غير محله ، مع أنه لا خلاف في جواز بيع بعض الكلاب منها كما تعرفه في محله ، كما أنه لا شك في جواز الانتفاع بعظم الفيل منها المسمى بالعاج وجلود الثعالب والأرانب مع التذكية ، بشرط الدباغ أو مطلقا ، وفي خبر (٢) عبد الحميد بن سعد « سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن عظام الفيل أيحل بيعه وشرائه للذي يجعل منه الأمشاط فقال : لا بأس قد كان لأبي
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥.
(٢) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٢.